الصرخة

مريم الزيادي

ظلام دامس، أصوات باهتة، أحدهم يتحدث معي بصورة متواصلة، صوته يبدو مألوفا لي لكنني لا اراه، لم ألتق به من قبل، أشعر بالاطمئنان النفسي حين اسمع ذلك الصوت الذي يحادثني، أود ان اقول له (لا تقطع حديثك، أبق متواصلا، اشعر بالوحدة هنا)، لكن يبدو أن أصواتاً لأخرين يأتون ويتحدثون معه لذلك ينقطع عن محادثتي. أسمع أحيانا أنهم يتجادلون كثيرا حتى انهم يتسببون في بكائه، ليت لدي القدرة لإيقافهم عن التسبب في إزعاجه، لكنني أشعر بنفسي محاطا بجدار سميك ليس لدي القدرة على كسره ولربما حتى الان أنا لا أستطيع فعل ذلك. أحيانا اشعر بصاحب الصوت عندما يكون سعيدا او حزين او أي شعور أخر يعتريه، فأنا اشاطره كل هذه الاحاسيس، اشعر بجسدي يتغير ويتحول الى شكل أخر اثناء نومي في هذا الظلام، ترى ما سبب هذا التحول؟، أود معرفة الإجابة لكن محاولاتي لم تجد نفعا بسبب هذا الجدار فلا احد يستمع لي ولا الى ندائي، حاولت تجربة شيئا آخر لكي الفت انتباه الشخص الذي يحدثني من خلف الجدار، لذلك قمت بالتحرك قليلا والضرب بقوة، هنا حدث شيئا ما، كانت هنالك استجابة من صاحب الصوت الذي يحادثني دائما، لكنه لم يفهم ماذا اريد او لم افتعل كل هذا، أردت الخروج فقط وان اتحرر من هذه الجدران التي تعيق حركتي وتمنعني من الخروج، أتساءل دائما متى أرى النور، وهل يوجد نور خلف هذه الجدران من الاساس؟؟.. عدت الى سكوني السابق في انتظار محاولة جديدة للخروج من هنا لكن من دون فائدة ترجى.
بقيت ساكنا وفي هدوء تام اتساءل هل استسلم؟؟ام علي ان اعيد الكرة مجددا في محاولة للخروج من هنا، الظلام بدأ يخيفني، لم يكن يخيفني هكذا من قبل، لماذا اخاف الان بشدة؟، يبدو ان التغير الذي حدث في جسدي جعلني أكثر نضجا وادراكا لما يدور حولي، لكن رغم ذلك، الصوت الدافئ لازال يحدثني باستمرار، ارى ان كلامه قد تغير والصوت أصبح متعبا، أنه ليس كالسابق، تساءلت ما الذي حدث له ولما يبدو مرهقا؟ بدا لي في كلامه الاخير انه يود مني الخروج من خلف الجدار بأمان. أظن انه هو الاخر متشوق لرؤيتي، صوته جعلني أفكر بعدم الاستسلام، نعم سأحاول مجددا الخروج. لا اعلم كم مر من الوقت منذ محاولة خروجي الأخيرة لكنني اعلم جيدا ان مدة طويلة قد مضت لان جسدي قد تغير تماما عما كان في السابق، فجأة اشعر بشيء يدفعني للخروج، صوت صراخ قوي، أنه نفس الصوت الذي يحدثني دائما لما يصرخ؟، مع كل صرخة منه أشعر بشيء يدفعني بقوة الى خلف الجدار، هنالك اصوات كثيرة من حولي قد تجمعت. توقف الصراخ لكن الاصوات الاخرى لازلت اسمعها بوضوح، للحظة توقف كل شيء، الظلام بدا يتلاشى شيئا فشيئا، أنا أخرج الى خلف الجدار، بعد أن تم سحبي الى الخارج، نعم أرى النور من بعد بقائي الطويل في الظلام، رأيت النور للمرة الاولى، لذلك صرخت بصوتي عالياً، وسط أصوات أخرى متفرقة، لم يكن ذلك الصوت المألوف من ضمنها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة