-1-
قرأت شيئا من أحوال شيخ تركي اسمه ( نعمة الله) وصل الى ألمانيا حيث يقيم الكثير من الأتراك المسلمين.
وحين احتك ببعضهم وسألهم عن اخوانهم أين هم ؟
قالوا له :
انهم في الحانات ..!!
فهل تستطيع الذهاب اليهم وهم في حاناتهم يعاقرون الخمرة ؟
قال :
خذوني اليهم
فدخل احدى الحانات ورفع عقيرته
يكلم الأتراك بلغتهم التركية المحببة اليهم والتي يرتاحون حين يخاطبون بها .
وقال :
” السلام عليكم
أجدادكم وصلوا الى هنا والى (فينا) يحملون الاسلام ،
وأنتم مجاهدون حضرتم الى هنا من اجل العمل الشريف ،
والكسب لعوائلكم ..!!
وبهذا الأسلوب المؤثر استطاع ان يسيطر على الموقف
فخجل من كان في الحانة ،
واختفت اقداح الخمور تحت الطاولات وتوجّه الكلُّ الى الشيخ وهو يشتعِلُ حماسا وحين انهى الشيخ خطابه قال :
هيّا الى المسجد
إنَّ النقلة هنا من الحانة الى المسجد ، وهي تَحوّل من الانفلات الى الانضباط .
وحين اعتذر بعضهم بالجنابة
قال لهم :
انّ في المسجد حمّاما يمكنكم الاغتسال فيه من الجنابة ..
وقال بعضهم :
انه لا يستطيع المشي بسبب الشراب
فقال الشيخ :
انكم يُعين بعضكم بعضا …
وهكذا حتى أوصلهم الى المسجد
وعاهد الكثير منهم رَبَّهُ على التوبة والإقلاع عن معاقرة الخمرة والمواظبة على أداء الصلاة …
مذكرات السامرائي / ص 58
انّ النفس المخلصة الصافية ، الغنيّة بايمانها ، الشجاعة بمبادراتها، القوّية بحجتها ، والتي تُحسن النفاذ الى القلوب عبر أساليبها الجذّابة وكلماتُها المجردة عن الشوائب والأطماع ، لها فاعليتها الملحوظة وتأثيراتُها التي لا تُنكر .
وما وقع مع الذين كانوا روّادَ الحانات بنقلهم الى خندق الملتزمين بأداء الطاعات، يمكن أنْ يقع مع غيرهم هنا وهناك ..
فمعزوفة الاستخفاف بالأقوال ليست بمقبولة، كما أنها ليست صحيحة أيضاً
انّ الانبياء والأوصياء (عليهم السلام) انطلقوا يبشرون ويُنذرون الناس عبر الكلمات والأقوال، وتلك هي الترسانة الفريدة التي تم بها اخراجهم من الظلمات الى النور .
ألم تسمع قوله تعالى :
{ فأثابهم الله بما قالوا جنات }
ان القول اذن طريق الى الجنة
فطوبى لكل مسلم شريف غيور ينطلق من مسؤوليته الشرعية ليُشيع الوئام بين الناس ، ويجتذبهم الى رحاب الفضائل إبعاداً، لهم عن مسالك الانحدار الروحي والاخلاقي والاجتماعي … ويحذرهم من غوائل الارهاب..
انّك حين تفتح قلبك وسمعك للمواعظ الصادقة تكون قد حجزت في السفينة مكانك المناسب ، وأمنَّت لنفسك النجاة.
حسين الصدر