الشارقة – ابتسام يوسف:
في اروقة مهرجان الشارقة القرائي للطفل، وعلى مقاعد أحد المقاهي هناك، نهضت لتحييني وتتساءل اين التقتني من قبل! ابتسمت لها وفي ذهني السؤال نفسه، جلسنا واخذتنا شجون العراق، حيث اروقة الذكريات المتداخلة، ربما هو حب العراق الذي كان باديا على كلينا، فليس أجمل من العراق اباً يقرب كل غريب لغريب، انها السيدة منى الشيخ، استاذة جامعية، تنقلت بين موانئ الغربة، وتركت في كل منها ذكرى، في السبعينيات كانت تدرس في جامعة المستنصرية، لكنها مثل الكثير من العراقيين اضطرت لبيع بعض ممتلكاتها، وتنضم مع زوجها وبناتها لموكب المغتربين.
تكتب للأطفال، ولها قصص في معرض دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة، المشاركة في مهرجان الشارقة القرائي للطفل. كذلك لها نشاط كمديرة لبعض الندوات التي اقيمت في المقهى الثقافي للمهرجان.
سألتها عن اخبار الجالية العراقية في الامارات بنحو عام والشارقة بنحو خاص فقالت:
“لابد ان يكون للمقيم تجارة، او عمل، ليحصل على الإقامة، والتي عليه ان يدفع مبلغا سنويا لتجديدها، بنحو عام هناك نشاطات ومشاركات للعراقيين في المجالات الفنية والأدبية، والقليل في المجالات التجارية.”
حول كتابتك للأطفال، كيف اكتشفت تلك الموهبة، ونحن نعرف ان الكتابة للأطفال صعبة، وتتطلب حذرا وحيطة، وكذلك الموهبة في كيفية تعزيز الخيال لدى الطفل؟
حقا الكتابة للطفل تتطلب قدرات لاستيعاب ما يفكر به الطفل، وتجنب اسلوب النصيحة والأمر، وحبي للطفل، وانطلاقا من ايماني بأن الاطفال عنصر مهم في المجتمع، وهم الفئة الأكبر فيه، ولكونهم رجال المستقبل، بات حريّا بنا ان نحتضنهم ونرعاهم، ونهيئ لهم الاجواء السليمة كي ينشأوا كما نريد لهم، أصحاء عقليا وفكريا، وان نحصنهم بثقافة مناسبة.
ثم اشارت الشيخ الى بعض النقاط التي لابد ان يلتزم بها من يفكر بالكتابة للأطفال: ولأن هذا اللون من الأدب يتسم بصفات لا تحظى بها كتب الكبار، ولكي ينجح الاديب والمعد لكتب الأطفال، عليه اولا ان يلم بالمراحل العمرية للأطفال، فهناك ثلاث مراحل للطفولة الاولى ما بين 3-5 سنوات، وهذه مرحلة ما قبل المدرسة، الثانية ما بين 5-7 سنوات، والثالثة والتي سميت بالطفولة المتأخرة 7-10، وهناك من المربين من قالوا ان امتداد الطفولة المتأخرة حتى سن 15.
النقطة الأخرى هي مراعاة بيئة الطفل. واتباع الاسلوب السهل، والخالي من التعقيدات اللغوية، فالطفل يمل من الاطالة، والتكرار، والاستعارات، والتزويق اللفظي، وايضا هناك عنصر مهم لتشويق الطفل، وهو شكل الكتاب، حبذا لو يكون شكل الكتاب على هيئة لعبة، او سيارة، أو أي شكل يستهويه الطفل من الفئة العمرية الاولى بنحو خاص، اضافة الى الرسوم والألوان، لينال الكتاب اعجاب الطفل، فالطفل احيانا يقرأ الصورة قبل الكلمة.
ولا ننسى الاهتمام باللغة والمفردات التي يلم بها الطفل، ومن المألوفة لديه، أي من الحصيلة اللغوية للطفل نفسه، وطبعا تجنب عدم استعمال (الوعظ المباشر)، لان الاطفال لا يستسيغون ذلك، لذا لابد ان يلم الكاتب بعلم نفس الأطفال، وان يعيش واقعهم، ويتعرف عليهم، وان يحبهم بصدق.
والاهم من كل ما ذكرت، ان يعرف الكاتب ما يحبه الطفل، وما يستهويه من معلومات وهوايات. ففي عام 1950 سأل كُتاب الاطفال الروائي الكبير (مكسيم غوركي) ماذا نكتب للأطفال؟ أجابهم باختصار: أسألوا الاطفال أنفسهم. فالأطفال من الوعي والادراك أحيانا، ما يمكنهم من اختيار كتبهم المحببة لديهم، وكثيرا ما يعرضون عما لا يعجبهم، والامر طبعا يتم تحت أشراف العائلة والمربي.
وباختصار ان صفة الابداع عند كاتب الأطفال، لا تتوقف عند سمة النص الادبي وحده، وانما سمة الإخراج، والتصميم، والتلوين، والصور، كلها تسهم في انتاج كتاب أفضل للأطفال”.