مرايا الشتات تعكس الأمل بين الوطن والمنفى

لندن – ابتسام يوسف الطاهر:
في امسيته المميزة منحنا المقهى الثقافي العراقي في لندن فرصة مشاهدة فيلم (مرايا الشتات) لقاسم عبد، الحائز على جوائز عدة ومشاركات كثيرة في المهرجانات السينمائية.
افتتح الامسية المخرج علي رفيق، وقدم الضيف قاسم عبد، الذي شكر بدوره المقهى على مبادراته في تسليط الضوء على الابداع العراقي.
وعن حبه للسينما قال “لا اعرف غيرها، واشعر بفرح ومتعة في مراحل انجاز اعمالي، عسى ان تجلب بعض المتعة والفائدة”. ثم ترك فيلمه ليتحدث نيابة عنه، وليترك المجال لتقديم الفيلم بمداخلات نقدية من الضيفين الروائي لؤي عبد الاله، والناقد صفاء ابو سدير صنكور.
في المداخلة النقدية للقاص عبد الاله ذكر “في الأفلام التي شاهدتها لقاسم عبد أتلمس جهدا حثيثا بتحويل ما هو اعتيادي ورتيب في الحياة اليومية، إلى خط سردي متناغم يقترب من خط الأسطورة عبر اللقطة التي تشبه النوتة الواحدة، التي يتركها الموسيقي على ورقته بانتظار النوتة الثانية، وبالتراكم يتحقق العمل الموسيقي الذي يعطي انطباعا أن كل شيء كتب دفعة واحدة.
وتابع: التداخل المتواصل في الفيلم ما بين الحاضر والماضي، عبر تعقب وجوه الفنانين المستعارة من فيلم قاسم السابق “وسط حقول الذرة الغريبة” في لقطات قصيرة، تمنحنا شعورا بأن هناك وراءنا، يقف لص ظريف، خفي لا نراه ولا نعرف أنه موجود: الزمن.
اذن فيلم (مرايا الشتات) متابعة لفيلمه (وسط حقول الذرة الغريبة)، فكان لابد من مشاهدة الفيلم السابق مرة أخرى، فقد مرت عقود على مشاهدته، والذاكرة تراكم عليها صدأ الأيام.
ابطال الفيلم سبعة فنانين عراقيين يعيشون في ايطاليا خلال تسعينيات القرن الماضي، تحدثوا عن الظروف الي دفعتهم لترك العراق في اثناء حكم البعث، وعن تجاربهم ومعاناتهم المادية والروحية في المنفى، وعلى الرغم من اختلاف اساليبهم الفنية، لكن تجمعهم هوية الفن العراقي في المنفى.
فيلم مرايا الشتات متابعة لأولئك الفنانين، وكيف تطورت رؤياهم وقدراتهم وحياتهم، وكيف تشتتوا مرة أخرى، كل في بلد، منحهم شيئا من الاستقرار وحياة فيها شيء من الامل والسعادة، كما عبرت عنه الفنانة عفيفة لعيبي “لوحاتي الان تعبر عن السعادة، الفنان لابد ان يمنح السعادة للمشاهد او المتابع” في حين ان اعمالها في المنفى، الاول كانت تعبر عن الحيرة والخوف والمعاناة “تراكم الاخفاقات” حسب تعبيرها.
وقليل منهم من بقي في ايطاليا بعدما وجد عملا اخر غير التشكيل والنحت، وانسجم مع المجتمع الذي منحه العيش فيه كمواطن، مع ترقب الزمن، ليعودوا بتجارب مفيدة وروح مشبعة بالحب والامل للوطن، الذي ينتظرهم وينتظرونه هم أيضا، وحيرتهم ازاء حصولهم على الجنسية الاوروبية ليتمكنوا من الاحساس بالاستقرار، بالرغم من انها لن توفر لهم وسائل العيش او العمل كما يحلمون “سيضاف رقم اخر الى العاطلين عن العمل” حسب تعبير الفنان رسمي الخفاجي.
مرايا الشتات تعكس صورة الحياة الان، وقد تلاشى ذاك الامل، تعكس صورة وطن آخر، وحب آخر، وسعادة وجدها بعضهم الان وهنا، فالوطن كما يراه البعض، الحرية والتواصل مع الحياة، لكن يبقى العراق مصدرا لابداعهم حسب تعبير احد ابطال الفيلم (رسمي الخفاجي) الذي كان حاضرا للامسية ضيفا، قادما من روما.
الناقد صفاء صنكور تحدث عن علاقة الرسم بالسينما “التعبير عن فن بفن اخر. المخرج قاسم عبد سجل بكاميرته كل شيء ليضعه أمام المشاهد ويتركه ليستنتج ما يريد.. فقد تعامل المخرج المصور هنا مع الفنان كانسان، ومحنته بين الغربة والوطن. الفيلم يعد من اهم الوثائق، كان حقا مرآة للشتات لحياة أولئك الفنانين، فكانت اشبه بدليل يحكي عن مصائر أولئك الفنانين”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة