ابتسام يوسف الطاهر
أقيمت في المقهى الثقافي العراقي في لندن أمسية للفنان التشكيلي جلال علوان احتفاء بمنجزه الفني، الذي أثمر عدة اعمال لم تخضع لمدرسة فنية واحدة.
فنان حر يطوع كل ما متوفر من مواد بصرية وحسية ويوظفها لتنفيذ افكاره الفنية فبعضها خليط بين النحت والتجريد واخرى تجمع بين فن التصوير والسينما، واستعمال كل ما توصل له العلم في الاختراعات الالكترونية من كمبيوتر وفوتوشوب وغيرها.
في الأمسية عرضت اعمال جلال علوان، من خلال افلام وصور، جعلها الفنان على مراحل، مثل موضوع القربان، وهي اعمال استعان فيها بصورته وادخلها بواسطة برنامج الفوتوشوب، مع ما اختاره من صور، لفرق، او مشاهد اعدام، والصورة الشهيرة لقتل احد الثوار الفيتناميين، وغيرها، للتعبير عن حالة القتل الجماعي والفردي الذي يمارس في كل العصور والمراحل، ضد الانسان البريء غير المسلح.
كما عرض مشروع العباءة ومشروع المهاجر والمواطن، ومجموعة الاعمال التي استعمل فيها الأثاث، من سرير الى كراسي، عبّر من خلالها على محنة الانسان العراقي، وهجرته المتواصلة، وعدم استقراره. “من وجهة نظري”، فجعل على السرير صخورا واحجارا كما لو انه اراد ان يثبته بها على الأرض، احتجاجا على التنقل والهجرة المتواصلة التي حرمت المغترب من الاحساس بالاستقرار، والتلاؤم مع البيئة او الاحساس بالأمان.
لكنه وفي حديث جانبي قال ان اعماله التي اختار فيها السرير وفوقه مجموعة احجار أو مربوط بحجر كبير وغيرها، أراد بها ان يعبر عن حالة القلق والارق الذي يعاني منه، اضافة الى ما يوحي به السرير من علاقة بين اثنين.
وفي حوار معه لإحدى الصحف العربية قال “الانتقال المتكرر أربك عندي أحاسيس الحنين، الامتلاك والانتماء. وأشعر وكأنني يتيم البيئة، لذلك وجدت نفسي متأرجحا بين الواقع بكل تعثراته، والخيال بكل تأملاته، الواقع المتمثل بمفهوم الاستغناء والرحيل والفناء، والحلم المتمثل بمفهوم الخلود، والتشبث والاستقرار.
وأضاف: كانت هنالك محطات في حياتي أرغمتني على تبديل أثاث منزلي. في بداية العشرينيات من عمري، اعتقلت في (معتقل أمن بغداد)، حيث أتلف رجال الأمن وسرقوا الكثير من أثاث منزلنا، وضاعت معه كثير من الذكريات الشخصية والعائلية. ثم تركت العراق إلى عمان، ومنها إلى هولندا، الدولة التي منحتني الجنسية، ولكنها لم تمنحني الاستقرار، على الرغم من المدة الطويلة التي قضيتها هناك. ثم محطتي الأخيرة لندن”.
يقول علوان ان للأثاث طاقة تعبيرية، “قطع الاثاث كيانات وظيفية تقليدية خاملة، معرضة للفناء لأنها معدة سلفا للاستهلاك، ولتحويلها الى كيانات نشطة وذات معنى، قمت بإجراء بعض التغييرات على قطع الاثاث من خلال عملية تفكيك الاشكال والمفاهيم والدلالات من دون المساس بهويتها، واعادة تركيبها من جديد وفقا لاحتمالات تعبيرية جديدة.
وبما ان المتلقي يرى الفن حسب ثقافته ورؤيته ومشاعره. فكان الختام مع جمهور المقهى الثقافي ومداخلاتهم وحوارهم مع الفنان، للتوصل الى معرفة ما يخفيه الفن من افكار قد يصعب على البعض التوصل لها.
جلال علوان بين محطات المغترب وفلسفة الفن
التعليقات مغلقة