تعديات البشر على الطبيعة لا تقل تهديدا للمستقبل عن التغير المناخي

تسارع كبير في وتيرة انقراض الأجناس

متابعة الصباح الجديد:

أكد رئيس مجموعة خبراء الأمم المتحدة بشأن التنوع الحيوي، أن القضاء على الطبيعة يهدد مستقبل البشرية «بالقدر عينه في الأقل» مثل التغير المناخي.
وقال روبرت واتسون في مستهل اجتماع لعلماء ومسؤولين من أكثر من 130 بلداً في باريس للتباحث في سبل الحفاظ على النظم البيئية، إن «الأدلة دامغة على أن قضاءنا على التنوع الحيوي وخدمات النظم البيئية بلغ مستويات تهدد رخاءنا بالقدر عينه في الأقل للتغيرات المناخية الناجمة عـن البشـر».
ويرمي اجتماع باريس الذي انتهى امس السبت إلى إجراء تقويم عالمي لوضع النظم البيئية للمرة الأولى منذ 15 عاماً.
وقد حللت المجموعة المؤلفة من 150 خبيراً من 50 بلداً على مدى ثلاث سنوات آلاف الدراسات بشأن التنوع الحيوي لإنجاز تقرير من 1800 صفحة سيصبح مرجعاً علمياً فعلياً في مجال التنوع الحيوي، كما التقارير الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
ومع أن مصطلح «التنوع الحيوي» قد يبدو غامضاً في بعض الأحيان، إلا أنه يشمل كل الأجناس الحيوانية أو النباتية على الكوكب بما في ذلك البشرية التي تضع مستقبلها في مهب الريح من خلال قضائها علـى الطبيعـة.
ولا يمكن للبشر العيش من دون الطبيعة التي تقدم لهم خدمات جلل بينها الحشرات الملقحة والغابات والمحيطات التي تسحب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مروراً بالأدوية أو مياه الشفة.
وبحسب مسودة التقرير التي حصلت عليها وكالة فرانس برس، لن يتم بلوغ أي من الأهداف العشرين المحددة سابقاً للعام 2020 والتي ترمي إلى مساعدة الإنسان على العيش «بتناغم مع الطبيعة» بحلول 2050.
هذه الخلاصات ستخضع للنقاش والتعديل وستقر بكـلّ فقراتها مـن جانـب المندوبيـن قبـل نشرهـا الاثنيـن المقبـل.
ويحذر هذا النص من أن «التراث البيئي العالمي يتعرض للتشويه بمستوى غير مسبوق».
ويواجه ربع الأجناس التي شملها التقييم والبالغ عددها مئة ألف (وهو جزء يسير من الأجناس الموجودة على كوكب الأرض والمقدّرة أعدادها بثمانية ملايين)، خطر الانقراض تحت ضغط توسع الأنشطة الزراعية والصيد البري والبحري وأيضا التغير المناخي.
ويتوقع العلماء «تسارعاً كبيــراً داهماً في وتيرة انقراض الأجنــاس» بحسب مسـودة خلاصـة التقريـر. وهنـاك مـا بيـن نصف مليون إلـى مليـون فصيلة ستكـون مهددة بالانقـراض، «بينهـا الكثيـر فـي العقـود المقبلـة».
وتتماشى هذه التقديرات مع التحذيرات الكثيرة من علماء يعدون أن الأرض على طريق سادس موجات «الانقراض واسع النطاق» في تاريخها، وهي الأولى منذ ظهور البشر على الكوكب.
وأشارت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو المضيفة للاجتماع أودري أزولاي إلى أن «هذا التقرير الأساسي سيذكر كل واحد منا بهذه الملاحظة الصارخة عن الواقع وهي أن الأجيال الحالية لديها مسؤولية بأن تـورّث الأجيـال المقبلـة كوكـباً لـم تلحـق بـه أضـرارا دائمـة جـراء الأنشطـة البشريـة».
وقال رئيس هيئة التنسيق لمنظمات الشعوب الأصلية فـي حـوض الأمـازون خوسيـه غريغوريـو ميرابـال إن «العلـم يؤكـد لنـا مـا نعرفه تقليـدياً منـذ عقـود وهـو أن كوكـب الأرض فـي حالـة احتضـار».
وأضاف «ندعو بصورة طارئة إلى اتفاق دولي من أجل الطبيعة لإعادة نصف العالم الطبيعي بأسرع وقت ممكن»، فيما يأخذ هذا التقرير العالمي في الاعتبار للمـرة الأولـى المعـارف والمشكـلات والأولويـات الخاصـة بالشعـوب الأصليـة.
ويربط النص بوضوح بين التهديدين الكبيرين أي الاحترار المناخي والتعديات على الطبيعة، محدداً بعض الأسباب المتشابهة خصوصاً لناحية الممارسات الزراعية وقطع الأشجار، وهي عوامل مسؤولة عن ربع انبعاثات ثانـي أكسيـد الكربـون وأيضـا عـن الأضـرار المباشـرة الخطيـرة اللاحقـة بالأنظمـة البيئيـة.
لكن نظراً إلى حجم الإصلاحات الواجب اعتمادها والتي تتطلب تحولا حقيقياً في نمط الحياة على هذا الكوكب الآخذة أعداد سكانه بالازدياد، يبدو أن حالات الممانعة قد تكون أقوى حتى من تلك المسجلـة علـى صعيـد جهـود مكافحـة التغيـر المناخـي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة