يشمل الجرائم التي يلاحق فيها الإسلاميون وغيرهم
متابعة ـ الصباح الجديد:
أدرجت الحكومة اللبنانية ضمن بيانها الوزاري بندًا أساسيًا تتعهد فيه بإنجاز قانون للعفو العام عن السجناء، سواء المحكومين منهم، أو الموقوفين والملاحقين غيابيًا بعشرات الجرائم، بدءً من الجنح البسيطة وصولًا إلى الجنايات، مع بعض الاستثناءات المتعلّقة بالتفجيرات الإرهابية التي طالت الأبرياء، أو جرائم القتل التي أودت بحياة جنود من الجيش وعناصر المؤسسات الأمنية اللبنانية. وجاءت هذه الخطوة الحكومية في وقت يطالب ناشطون يدافعون عن حقوق السجناء وأفراد عائلاتهم بعفوٍ عام يقولون إنه يمكن أن يُبدد هواجس اللبنانيين ويجسّد مصالحة وطنية حقيقية.
وبدا واضحًا أن العهد الذي قطعته الحكومة بإنجاز قانون العفو، لن يكون مجرّد حبر على ورق. فالضغوط التي يمارسها أهالي السجناء بتحركات على الأرض، تشكل عامل ضغط للدفع قدمًا بتسريع هذه الخطوة.
وأوضح مصدر مقرّب من رئيس الحكومة سعد الحريري، أن «مشروع قانون العفو أنجزته بالكامل اللجنة القانونية التي كلّفها رئيس الحكومة وسلمته إياه، مضيفًا أن الحريري سيبحثه مع القوى السياسية الأخرى لتأمين توافق سياسي واسع بشأنه، وقد تكون لدى هذه القوى بعض المطالب وتحتاج إلى إدخال تعديلات على المشروع. وأكد المصدر أن مسودة القانون تشمل الجرائم التي يلاحق فيها الموقوفون الإسلاميون وغيرهم، وهو يتعاطى مع هذا الملف انطلاقًا من دوره الوطني وليس الطائفي فحسب.
وكشف مصدر قضائي معني بهذا الملف أن مشروع القانون «يتضمن استثناءات لجرائم محددة، لكن هناك حلولًا لهذه الاستثناءات عبر تلطيف الأحكام بما يساهم في إنصاف الموقوفين، وبما لا يؤدي إلى المساس بمشاعر أهالي الضحايا، بخاصة أهالي شهداء الجيش اللبناني.
ووصف المصدر القضائي مسودة قانون العفو بأنها وازنة ومتوازنة وتراعي كلّ الجوانب القانونية والإنسانية، وهذا ما طلبه سعد الحريري من اللجنة القانونية.
ويتوجّس أهالي السجناء من كلّ الأطراف من استثناءات قد تطيح بحلم العفو عن أبنائهم, وشدّد المحامي محمد صبلوح، وكيل الدفاع عن عشرات الموقوفين الإسلاميين، على إقرار قانون شامل ومنصف لكل اللبنانيين، ولا يشكل حساسية لأي طرف.
وأكد أن قانون العفو يجب أن يطوي مرحلة صعبة ومؤلمة مرّ بها البلد، وأن يعطي الشباب، سواء الموقوفين الإسلاميين أو غيرهم من السجناء أو الملاحقين بأحكام ومذكرات توقيف غيابية، فرصة العودة للانخراط بالمجتمع، خصوصًا الإسلاميين الذين استغلّهم البعض بالمال ودفعهم للقيام بأعمال مخلة بالأمن، أو من رُكّبت لهم ملفات وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب»، بحسب قوله.
وعبّر المحامي صبلوح عن ارتياحه لـ»الوعد الذي قطعه الحريري، والبدء ببحث مشروع العفو في أولى جلسات مجلس الوزراء، بخاصة أن القانون أدرج ضمن البيان الوزاري. وقال: يؤكد الحريري جديته ورغبته بإنهاء مفاعيل هذا الملف، بما يراعي كلّ الهواجس، ويجسّد مصالحة وطنية حقيقية. وأضاف: لمسنا من لقاءاتنا مع الحريري ومع اللجنة القانونية التي وضعت مسودة قانون العفو، أن رئيس الحكومة لن يقبل بعفوٍ يشمل ما يقارب ستة آلاف من الفارين إلى إسرائيل، وعشرات آلاف الموقوفين والفارين المطلوبين بتهم الاتجار بالمخدرات والخطف والسرقة، وأن يستثني 1200 موقوف إسلامي.
وتستفيد كلّ الطوائف اللبنانية من العفو العام الذي يؤمل صدوره قريبًا.
ويفترض أن يشمل نحو 1200 موقوف إسلامي، وهم من أبناء الطائفة السنية، ونحو 6 آلاف أغلبهم من المسيحيين الذي فروا إلى إسرائيل منذ عام 2000 بعد انسحابها من جنوب لبنان، ونحو 30 ألف شخص من أبناء منطقة البقاع اللبناني، غالبيتهم من الطائفة الشيعية ومعظمهم فارون ومطلوبون للعدالة بمذكرات توقيف وأحكام بجرائم الاتجار بالمخدرات وتعاطيها والقتل والخطف والسرقة وغيرها.
وكشف عضو في لجنة المتابعة لأهالي الموقوفين الإسلاميين، أن هيئة العلماء المسلمين، القيّمة على معالجة ملف هؤلاء الموقوفين، مستعدة للصفح عن المتهمين بتفجير مسجدي السلام والتقوى في مدينة طرابلس، بما في ذلك العفو عن رفعت عيد أمين عام الحزب العربي الديمقراطي، الذي كان طرفًا في معارك مدينة طرابلس، شمال لبنان، من أجل مصالحة وطنية حقيقية وشاملة وتطوي صفحة الماسي بشكل كامل.
وكان القضاء اللبناني اتهم أكثر من 20 عنصرًا من الحزب العربي الديمقراطي بالتخطيط والتدبير والتنفيذ لجريمة التفجيرين اللذين استهدفا مسجدي السلام والتقوى في طرابلس، بالتعاون مع ضباط في الاستخبارات السورية، ما أدى إلى مقتل 53 من المصلين وإصابة أكثر من 400 آخرين بجروح مختلفة.
ولا يزال الموقوفون بهاتين الجريمتيـن يحاكمون أمـام المجلـس العدلي، أعلى هيئة قضائية في لبنان.