محاولات إسرائيل لتهويد الضفة والقدس تتجه للفشل

مروان المعشّر
ملخّص: على الاستراتيجية العربية تجاه النزاع العربي-الإسرائيلي أن تعمل في الاتجاه المعاكس لسیاسة إسرائيل، أي أن تدعم بقاء
بعد عدة أشر من احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس العام 1967، صرح دافید بن غوریون، أول رئیس وزراء لإسرائیل بما یلي: من دون معدلات جرة عالیة ومستدامة للیود إلى إسرائیل، ومن دون معدلات ولادة عالیة للیود في اسرائیل، فنحن محكومون لأن نصبح أقلیة، حتى وان استطعنا التغلب عسكریا على العرب. لا نستطیع تجال ذه الحقیقة.
بالطبع، لم تتجال اسرائیل أبدا ذه الحقیقة، وحاولت المستحیل لإبقاء غالبیة یودیة داخل الاراضي التي تسیطر علیا، بما في ذلك القدس الشرقیة، وذلك عن طریق معدلات جرة عالیة في الماضي من أنحاء العالم، كان آخرا من الاتحاد السوفیاتي حینذاك، وعن طریق بناء المستوطنات في الضفة الغربیة والقدس الشرقیة، واعادة ترسیم حدود القدس للمحافظة على أغلبیة یودیة فیا. لكن كل ذه المحاولات تصطدم الیوم بحقائق على الارض تجعل ذا الدف الإسرائیلي صعب المنال.
كنت قد اشرت سابقا ان التعادل الدیمغرافي بین الفلسطینیین العرب والاسرائیلیین الیود قد تم الوصول الیه العام 2017 داخل الاراضي التي تسیطر علیا إسرائیل بواقع 5,6 ملیون شخص لكل من الطرفین، اي ان الاسرائیلیین الیود الیوم یشكلون أقلیة تتناقص تدریجیا مع مر الزمن. اضافة لذلك، فان الوضع الدیمغرافي في القدس بات ایضا یمیل تدریجیا لصالح الفلسطینیین. لقد عملت اسرائیل على المحافظة على أغلبیة یودیة كبیرة داخل القدس. ولكن مع احتلال اسرائیل للقدس الشرقیة العام 1967 وضما بشكل غیر قانوني واعادة ترسیم حدود «القدس الكبرى»، فان كل محاولات اسرائیل لإبقاء أغلبیة یودیة كبیرة داخل حدود القدس الجدیدة تبوء بالفشل، وبالرغم من سیاسة اسرائیل للخمسین عاما الماضیة للاستیطان في القدس الشرقیة وإرغام الفلسطینیین على الجرة منا، تفشل ذه السیاسة الیوم في ضمان أغلبیة یودیة على المدى الطویل. وقد صرح أحد الوزراء الإسرائیلیین السابقین «ان القدس الشرقیة تمثل شوكة في حلقنا، لا نستطیع بلعا ولا نستطیع لفظا خارجا». بعد ضم القدس الشرقیة لإسرائیل العام 1967، أصبحت نسبة الیود الى الفلسطینیین 74 الى 26 بالمائة. وفي العام 1973 وضعت لجنة اسرائیلیة دفا الا تزید نسبة الفلسطینیین في القدس عن 5,25 بالمائة. ولكن بحلول 2016، تقلصت نسبة الیود الى الفلسطینیین الى 62 مقابل 38 بالمائة، وذلك بالرغم من تزاید عدد المستوطنات في القدس الشرقیة. بعبارة اخرى، فان عدد الفلسطینیین داخل حدود «القدس الكبرى» قد یصبح أغلبیة في المستقبل المنظور بالرغم من كافة المحاولات الاسرائیلیة لوضع حد لزیادة عدد الفلسطینیین في القدس. یحاول بعض مناصري إسرائیل الیوم الضغط على الكونغرس الأمیركي لترحیل الفلسطینیین من الضفة والقدس مقاومة للتمدد الدیمغرافي الفلسطیني. وتعمل مجموعة من المنظمات الموالیة لاسرائیل بدوء من اجل إصدار الكونغرس الامیركي تشریعا یعید توجیه أموال الولایات المتحدة التي كانت ستمنح للأمم المتحدة كمساعدات إنسانیة للفلسطینیین الى برامج تساعد في تمویل تجیر الفلسطینیین بشكل دائم من الضفة الغربیة والقدس الى دول اخرى. ومع اعتقادي بان فرص تمریر كذا تشریع ما تزال ضعیفة، إلا انه من الواضح أن إسرائیل تعمل بكل الطرق لمنع قیام أغلبیة فلسطینیة داخل الاراضي التي تسیطر علیا.
كل ذه المعطیات تعید تأكید ما قلته سابقا. ان الاستراتیجیة العربیة تجاه النزاع العربي-الإسرائیلي یجب أن تعمل في الاتجاه المعاكس لسیاسة إسرائیل، أي دعم بقاء الفلسطینیین على ارضم. ذه مصلحة أردنیة علیا.
أخشى ان تكرار التمسك بحل الدولتین دون جد عربي دبلوماسي وتمویلي مواز یحقق بقاء الفلسطینیین على ارضم لن ینجح الا في استمرار اسرائیل لخلقا حقائق على الارض تمنع قیام الدولة الفلسطینیة وتحاول إخراج الفلسطینیین بالقوة من ارضم. مروان المعشّر نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي، حيث يشرف على أبحاث المؤسسة في واشنطن وبيروت حول شؤون الشرق الأوسط. شغل منصبَي وزير الخارجية (2002-2004)، ونائب رئيس الوزراء (2004-2005) في الأردن، وشملت خبرته المهنية مجالات الدبلوماسية والتنمية والمجتمع المدني والاتصالات.

مركز كارنيغي للشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة