بعد إكمال إعمار مزاراتهم بجهود ذاتية
نينوى ـ خدر خلات:
لأول مرة منذ اربع سنوات، احتفل الآلاف من الايزيديين بمناسباتهم الدينية (الطوافات) قرب مزاراتهم الدينية في المناطق المحررة، بعد إعمارها بجهودهم الذاتية وسط.
وتشمل الطوافات مراسيم دينية وشعبية، حيث في الليلة التي تسبق (الطوافة) يتوافد المئات من الاهالي يتقدمهم رجال الدين ويتم تلاوة بعض التراتيل الدينية مع احراق البخور وعزف موسيقى دينية خاصة بالشبّابة (تشبه الناي) والدف، وسط زغاريد فرح، وفي الصباح التالي تتوافد مئات العائلات الى المزار نفسه ويتم اداء بعض التراتيل الدينية ثم تعقبها احتفالات شعبية ودبكات على انغام الطبل والزرنا، الى موعد الغداء، وبعد استراحة قصيرة تتوالى الاحتفالات عصرا وتشتبك مئات او الاف الايادي في تشكيل حلقات الدبكات الشعبية بمشاركة شتى الفئات من الشباب والرجال والنساء وحتى الفتية اليافعين من كلا الجنسين.
وقال الصحفي الايزيدي نصر حاجي دوملي الى “الصباح الجديد” ان “الايزيديين في سهل نينوى، وخاصة في ناحية بعشيقة وبلدة بحزاني يحتفلون بالطوافات هذا العام لأول مرة منذ 4 سنوات مضت، حيث كانت لنا اخر احتفالات بهذه المناسبات الدينية في ربيع 2014”.
واضاف “عقب تحرير مناطقنا تم البدء باعمار القباب والمزارات الدينية بجهود ذاتية ومن دون اي دعم حكومي، وتم إكمال إعمار جميع المزارات التي فجرها تنظيم داعش في اثناء سيطرته على مناطقنا كما انه قام بتحطيم المئات من قبور الموتى أيضا”.
ولفت دوملي الى انه “خلال هذا الموسم من الربيع احتفلنا بالطوافات في مناطقنا حيث ان لكل مزار يوما محددا على وفق تقويمنا وتقام الاحتفالات له، واليوم نختتم الاحتفالات قرب مزار (شيخوبكر) غربي حزاني، حيث الالاف من الايزيديين يشاركون بهذه المناسبة العزيزة علينا”.
وتابع بالقول “كما في الاعوام السابقة (قبل سيطرة تنظيم داعش) يشارك بهذه الاحتفالات ايزيديون من مناطق الشيخان ومحيطها، كما ان الحضور لا يقتصر على الايزيديين، حيث دائما نجد عائلات لاصدقاء لنا من الاخوة المسيحيين والمسلمين يشاركون بهذه الاحتفالات او يحضرون كضيوف، وهذا تقليد نتوارثه جيلا بعد جيل اخر”.
وفيما اصوات الطبل والزرنا تملأ مكان الاحتفال وسط صيحات فرح، والباعة الذين نقلوا بضائعهم ويعرضونها في عربات، والاغلبية يتزينون بملابسهم الفلكلورية التراثية، لكلا الجنسين، هنالك مجاميع شبابية بملابس حديثة يشاركون بالاحتفالات بشكل حماسي.
ابو حسين، الرجل الايزيدي الخمسيني جلب عائلته لقرب المزار، وافترش مع عائلته تحت احدى اشجار الزيتون شبه الذابلة، يقول لـ “الصباح الجديد” ان “هذه الاحتفالات هي رسالة سلام ومحبة لكل العالم، نحن الايزيديون نعشق السلام ونحب الحياة والفرح، وهذه الاعياد (الطوافات) هي احتفلات تمثل الفرحة باستقبال فصل الربيع والاجواء المعتدلة واللطيفة، وندعو من الله في مزاراتنا ان يكون هذا العام عاما وفيرا بالانتاج الزراعي، حيث ان اقتصاد مناطقنا كان الى امد قريب يعتمد على الزراعة وما تنتجه أراضينا من غلال”.
وتابع “ان فرحتنا ناقصة وغير مكتملة، حيث لدينا اكثر من 3 الاف مختطف ومختطفة لا نعرف مصيرهم، فضلا عن البيوت المدمرة والمنكوبة، لكننا هنا نتحدى تنظيم داعش الارهابي، ونقول له لقد عدنا لمناطقنا، وانتم مصيركم مزابل التاريخ، والكثير من الغزاة مروا بمناطقنا، لكننا بقينا وهم رحلوا، لان الفرح والسلام اقوى من الحرب والارهاب”.
وحول الرقصات الشعبية التي يتم تشكيلها خلال هذه الاحتفالات قال ابو حسين “انها رقصات متنوعة، ولكل منها ايقاعها وخطواتها، علما ان جميع من يشارك بها من الشباب او المتقدمين بالسن يتعلمون هذه الرقصات من اقرباء لهم، وهذا هو حالنا منذ خلقنا”.
مبينا ان “الدبكات الشعبية غالبا ما تختتم برقصات بمشاركة الرجال والمتقدمين بالسن، حيث تصل الاحتفالات أوجها وذروتها قبيل مغيب الشمس وترتفع الاصوات لتشكر الله على هذه النعمة وهذه الافراح التي نتمنى ان تسود في كل مكان”.
وانجز الايزيديون إعمار نحو 40 مزارا ونيشانا في ناحية بعشيقة بالكامل، بجهود ذاتية وبتبرعات شخصية، والتي فجرها تنظيم داعش الإرهابي في اثناء سيطرته على مناطقهم في آب 2014 قبل ان يتم طرده على يد قوات البيشمركة في السابع من تشرين الثاني 2016