عصابات الاتجار بالبشر تبيع الفتيات في فيس بوك.. وتستغل الأطفال للتسول

إلقاء القبض على العديد من المجرمين في العاصمة
توضيح مهم.. سبق للصباح الجديد ان تناولت في عددها 4092 الصادر في الخميس الماضي، بعض المعلومات المتوافرة في هذا التقرير ، عند تناولها تقريرا عن المخدرات من المركز الإعلامي لمجلس القضاء العالي، وبالنظر لأهمية قضية الاتجار بالبشر ننشر هذا التقرير الشامل لدور القضاء في معالجتها، سيما وان المعلومات الجديدة الواردة فيه ترتبط ارتباطا وثيقا بالمعلومات المنشورة بعد ان وردنا من المركز نفسه ولذا اقتضى التنويه
بغداد ـ علاء محمد:
تمارس عصابات الاتجار بالبشر جرائمها عبر دور البغاء وتتواصل الكترونيا لبيع الفتيات وتهريبهن خارج البلاد بحسب الوقائع القضائية، فيما تستغل تلك العصابات الأطفال في شبكات التسول.
وألقت القوات الأمنية عبر متابعة وإشراف القضاء القبض على العديد من العصابات التي اعترفت ببيع فتيات وتأجير أطفال لغرض التسول، فيما أصدرت محاكم الجنايات عقوبات رادعة بحق المدانين.
ويقول قاضي محكمة تحقيق الدورة محمد العبدلي أن “أكثر جرائم الاتجار بالبشر تتم حاليا عن طريق موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، إذ يتم عرض الضحايا عبر هذا الموقع ويبدأ التفاوض هناك”، لكنه اكد ان معظم هذه “المواقع مراقبة من قبل مكاتب الاتجار بالبشر في الكرخ والرصافة فغالبا ما يتم استدراج المتهمين من اجل الوصول الى الشخص المعني الذي عرض الضحية على مواقع التواصل الاجتماعي للتفاوض معه حول المبلغ”.
وبخصوص قيمة المبالغ كشف العبدلي أنها “تتراوح مابين 3 إلى 4 آلاف دولار أميركي”، مشيرا إلى أن “الخلايا الأمنية تجري اتفاقا مع أصحاب تلك الحسابات وعند التسليم يتم إلقاء القبض عليهم متلبسين بالجرم”، مستشهدا بـ”قضية تخص امرأة في بغداد عرضت فتاة إثيوبية الجنسية للبيع بعد ان جلبتها من دولة لبنان لتعمل خادمة معها في المنزل، وبعد مرور 6 أشهر تم عرضها للبيع عن طريق (الفيس بوك) بمبلغ 4 آلاف دولار لكن مكتب الاتجار بالبشر – الرصافة ألقى القبض عليها بعد عملية أمنية وتم تصديق أقوال المتهمة من قبل محاكم التحقيق”.
وأضاف العبدلي أن “متهمين آخرين يعلمون بالاتجار بالبشر ويقومون بالسمسرة والبغاء القي القبض عليهم وتم الحكم على قسم منهم بالسجن لمدة 15 سنة وآخرون حكموا بالسجن المؤبد، أما الباقون فتم تصديق اقوالهم ومن ثم عرضت أوراقهم على محكمة الموضوع لينالوا جزاءهم العادل”.
واشار الى ان “هؤلاء يقومون بشراء فتيات بمبلغ 5 ملايين دينار عراقي ومن ثم يقومون بالسمسرة والبغاء وإخراجهن في حفلات خاصة وملاه ومن ثم عرضهن للبيع لأكثر من شخص”.
ووصف إلقاء القبض وكشف هذه الشبكة بـ”العملية الصعبة” التي يقول إنها “احتاجت الى وقت طويل وسرية تامة وأنجزت بالجرم المشهود”، ورجح ان تكون “هذه الجهات مدعومة من قبل جهات معينة، قسم منهم القي القبض عليهم وعددهم ستة متهمين يعلمون قبل احداث 2003 وهم من (الغجر) ومهنتهم شراء الفتيات ومن ثم السمسرة والبغاء”.
ويذكر أنه “هذه الشبكة اعترفت ببيع فتيات الى دول الكويت وقطر والإمارات لغرض العمل في النوادي الليلية، وتتم عملية نقلهم وتزويجهم من اجل تسفير الضحايا خارج العراق وان هذه التفاصيل تم التعرف عليها من خلال التحقيق مع عناصر هذه الشبكة”، مطالبا “الأجهزة الأمنية بتطبيق السرية التامة حول ورود اي معلومات تخص جريمة الاتجار بالبشر للقضاء عليها”.
ووصلت الأحكام بحق المتهمين في هذه العصابة الى السجن خمس عشرة سنة والسجن المؤبد، وأكد قاضي محكمة تحقيق الدورة أن هذه الأحكام حدت بنسبة كبيرة من هذه الجريمة لكنها موجودة في الوقت الحالي لكن بنسبة ضئيلة”، مبينا أن “اغلب من يقومون بالاتجار بالبشر يعتبرونها عملية مباحة وطبيعة حتى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دون اي خوف او رادع او رقابة لكن بعد التحري عن مواقعهم وأماكنهم القي القبض عليهم”.
ولا يرى العبدلي أن “الفقر سبب في العمل بالاتجار بالبشر بل إن البيئة التي يعيشها أفراد تلك العصابة (الغجر) ترى ذلك مهنة مباحة يتخذون منها زرقا لهم”، لافتا إلى أن “أماكن انتشارهم سابقا كانت في منطقة ابو غريب لكن بعد أحداث عام 2003 هاجروا منها وسكن قسم منهم في منطقة الدورة – الحضر”.
وأكد العبدلي انه جمع إحصائية عن طريق الأجهزة الأمنية والمجالس البلدية بينت أن “عددهم 130 منزلا كما أنهم ينتشرون بمناطق في جانبي الكرخ والرصافة وبعد فتح محكمة تحقيق الدورة وثقة المواطن بالقضاء وصلت شكاوى كثيرة بحقهم للتخلص منهم”.
وتطرق العبدلي إلى وسيلة أخرى تتم بواسطتها التفاوض على بيع ضحايا وذلك عن طريق القنوات الفضائية والتي تختص بالأغاني من خلال (السبتايتل) إذ يتم ارسال الرقم الخاص به لغرض التعرف على فتيات وبعد مدة وأثناء التعرف يتم إرسال الفتاة الى خارج العراق لغرض العمل في الملاهي.
وأكمل العبدلي أن “التسول يأتي أيضا ضمن عملية الاتجار بالبشر، ففي بغداد ألقي القبض على عصابة كانت تعمل على استدراج الاطفال بعد نزوح أهاليهم من محافظتي صلاح الدين ونينوى بسبب الاحداث التي مرت على هاتين المحافظتين وان قسما من الاطفال فقدوا أولياء أمورهم ما جعلهم يتسولون وخاصة في منطقة الكاظمية التي شهدت حالات كثيرة”.
وأضاف أنه “أثناء مسك الأطفال في حالة التسول وبعد الكشف على أجسادهم تبين ان هناك تعذيب (كي) بجمر السكائر في مناطق من أجسادهم من قبل أشخاص يستخدمونهم في التسول وخلال التحقيق معهم ذكر احد الاطفال أن والديه متوفيان ولايوجد معيل له وذكر ان احدى النساء واثناء أحداث داعش الإرهابي جلبته الى بغداد وتركته في الشارع وبعد ذلك تم التعرف على احد الأشخاص الذي قام بأخذه إلى منزله وهذا المنزل تبين فيما بعد انه يحتوي على 50 طفلا يتم توزيعهم قرب الاشارة المرورية حتى تم نصب كمائن لهم وتبين أنها شبكات واسعة”.
ودعا العبدلي “دوريات الشرطة المتواجدة هناك بالإبلاغ عنهم للحد من هذه الظاهرة”، لافتا إلى أن “قسما من الأطفال يتم تأجيرهم الى أشخاص لمدة أسبوع واحد للعمل في التسول لقاء مبلغ يصل الى 250 ألف دينار عراقي، وتنطبق عليها جريمة الاتجار بالبشر كون هؤلاء تم بيعهم لقاء مبلغ”.
وعن الأحكام التي أصدرتها محكمة جنايات الكرخ ذكر أن “المحكمة قضت بالسجن 15 عاما على مدانين، وتصل الأحكام إلى المؤبد بحسب المادة السادسة لقانون الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 التي حددت عقوبة بحق المدانين وكون اكثر الدعاوى تخص النساء فيطبق عليها القانون أعلاه وهي السجن المؤبد وغرامة مالية قدرها 15 مليون دينار عراقي ولا تزيد عن 25 مليون دينار عراقي”.
وعن دور الادعاء العام، أكدت المدعي العام ميادة حازم احمد نائب ان “دور الادعاء العام في موضوع جريمة الاتجار بالبشر هي مراقبة المشروعية فيما يتعلق بقرارات قاضي التحقيق فيما اذا كانت موافقة للقانون من عدمه”.
وبشأن قضايا الاتجار ذكرت القاضية أنه “في حال حصول معلومة مؤكدة لدى القضاء تتخذ الإجراءات بتحريك الشكوى الجزائية او الأخبار أمام الجهات المختصة ومن ثم يقوم قاضي التحقيق بإصدار أوامر القبض وتعميمها على كافة المنافذ الحدودية كون هذه الجريمة انتشرت بشكل كبير وتم بيع فتيات خارج العراق”.
واشارت احمد الى ان “جريمة الاتجار بالبشر تنحصر ضحاياها بالاطفال والنساء إذ يتم استغلالهن من الناحية الجنسية في ما يتم استغلال الاطفال من الناحية الجسدية عن طريق بيع أعضائهم وان دور الادعاء العام كان ومازال فعالا في هذا المجال إذ يتكفل بمراقبة مشروعية القرارات وفي حال حصول خرق للقانون او عدم تنفيذه بالطريقة الصحيحة اوجود خطأ في تطبيق القانون فان الادعام العام يلجأ في اغلب الاحيان الى الطعن في قرارات قاضي التحقيق امام محكمة الجنايات بصفتها التمييزية”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة