جانيات المحاصيل

نسوة مكافحات تحملن المسؤولية منذ الصغر من دون كلل أو ملل، فالعمل شرف بالنسبة لهن ومسألة غير قابلة للنقاش كونهن تربين على الكفاح وعدم السؤال حتى وان اقتضت الحاجة.
مكافحات مجاهدات في ظل غياب المعيل الذي غيبه الواقع المرير الذي لا امل في تحسنه.
« الفلاحة «، أنموذج للمرأة العاملة منذ نعومة أظافرها، فهي الأم والأخت ورفيقة الدرب والزوجة الصالحة التي لم يثنها حر الصيف ولا برد الشتاء عن مؤازرة شريك عمرها الذي يكافح جنباً إلى جنب معها.
تلك المرأة كان لها فضل كبير بأن تخضر ربوع هذا الوطن وتجني ثمارها بعرقها وتعبها فالاف النساء يعملن على جني المحاصيل الزراعية في كل بقاع هذا الوطن الذي ما زال يغبن حق تلك المخلوقة المنسية خلف لثامها وثوبها الأسود الذي صار لونه كلون تربة أرضها التي لا تملك فيها سوى تلك الذرات التي تتعلق بثوبها المخضب بالطين.
هن أمهات ربين أبناءهن على حب أرضهم وعشق الزراعة، وان كن فلاحات مستأجرات لجني المحاصيل وليس لجني ما تحققه تلك المحاصيل من إرباح فهن يقتتن فتات ما يمنحه اياهن أصحاب البساتين والمزارع التي يعملن بها ، وان مرضت احداهن أو جاءها الم المخاض فلا يمكنها سوى التستر بين الشتلات التي زرعتها بأيديها وكأنها احد أطفالها لتنجب أنثى أو ذكراً قد لا يعرف من الحياة سوى جني ثمار الغير والاكتفاء بما منحه الباري من لقمة العيش بعيداً عن كل مغريات الحياة في أي مكان آخر من بقاع الأرض .
وطن كن هن الأقرب إلى تربته فكان هو الأبعد عن جراحهن في ظل تولي امره من لا يعرف قدر نسائه اللواتي كن ملح تربته التي ارتوت بملح دموعهن التي ما جفت منذ الأزل، فهن النائحات الباكيات الثكالى المعطرات بالإحزان المعتقة بتاريخ أرضهن التي لم تكتفِ بما منحتها الأقدار من فواجع وكوارث أكلت الأخضر قبل اليابس لتكون انهاراً لا نهرين من احزان جميلات ارض الرافدين ارض سومر وعشتار وبابل وأشور والحضر وكل ما غص به التاريخ من أمجاد وحضارات.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة