كربلاء ـ الصباح الجديد:
شهد نادي الكتاب في كربلاء مناقشة رواية (مزامير القبور) للروائي علي لفته سعيد وهي الرواية الأخير له بعد خمس روايات سابقة وشارك اربع نقاد وكتاب في هذه المناقشة التي استمرت لأكثر من ساعتين
في بداية الامسية قال مقدمها الكاتب لؤي زهرة بعد ان عرف بالروائي ونتاجاته وموقعه في الخارطة الثقافية العراقية ليقول ان سعيد يتخذ من المكان ثيمة فنية ومن خلالها ينتقل الى عناصر الرواية الاخرى الزمان والشخوص والحدث الذي يتوجه بالحبكة الفنية والخاتمة المفتوحة التي تجعل المتلقي يغوص في اجواء الرواية ويتقلب بين ازقة مدينة المزامير. وأضاف ان هذه ليست المرة الاولى التي يتخذ فيها سعيد موضوعة المكان فقد سبق له ان اتخذ الموضوعة ذاتها في روايته الصور الثالثة والسقشخي لكن في بنية سردية مختلف تماما عن بنية مزامير المدينة. وذكر زهرة ان هناك تطورا هائلا في طريقة الكتابة وفلسفتها لدى سعيد وهو بالتالي يشكل علامة مائزة في المشهد الروائي العراقي.
وتحدث بعدها الروائي سعيد عن روايته وقال انها الجزء الثاني من روايته ( الصوة الثالثة ) التي ناقشت الواقع العراقي ما قبل عام 2003 حيث الحروب وكيفية تحول المثقف الى أداة في هذه الحروب التي تسلب الحرية والوعي والثقافة .
كان اول الذي قدموا اوراقهم النقدية الناقد والروائي حميد الحريزي حيث ان قال ان (مزامير المدينة) ترنيماتها في زمن الاحتلال بعد انهيار الديكتاتورية وان الرواية تتحدث عن واقع المجتمع العراقي، المرأة، المثقف،الطبقة المرفه والطبقة المسحوقة في زمن الديكتاتورية واضاف ان المزامير روي حالة المجتمع العراقي وتحولاته في زمن (الديمقراطية ) ومابعد الاحتلال الامريكي للعراق، وهيمنة قوى الاسلام السياسي على السلطة في العراق.
الناقد الدكتور عمار الياسري قال من جهته ان رواية مزامير المدينة تشتغل على خلخلة الهوية في بنية السرد الروائي.. إذ اشتغلت الانساق الجيوسياسية والسيسوثقافية والبيروقراطية الدينية على عدم اشتغال ميكانزمات الاندماج المكاني للبطل، وهذه مردها التحولات الابستمولوجية التي تعرض لها البطل في مساره الحياتي الروائي، واضاف أن المحمولات الفكرية التي عملت على تعليب الوعي الجمعي أدت إلى هندسته وتعليبه على شكل سلطة قمعية عمدت إلى تهميش كل ما هو مختلف سواء على صعيد النسق السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي وبالتالي ينتج المثقف خطابا منافيا للفعل الثقافي السائد. وقال ايضا أن المنظومة السلطوية المتعالقة مع البطل محسن بكل تمثلاتها الدينية والسياسية والاجتماعية ساهمت في إنتاج فعل مضاد يعمل على تفكيك الخطاب السائد وتعرية كل متبنياته وبالتالي تكون الهوية قلقة في كينونتها، فهي نتاج مفاهيم قبلية شبه قارة شهدت انزياحا كبيرا حينما تعرضت للمحمولات البعدية في المكان الآخر. ولفت الى ان (مزامير المدينة) تعاملت مع صراع الهويات الذي تداولته فلسفات ما بعد الحداثة بشكل مائز من أجل إنتاج مفهوم شمولي كوني نجح في صياغته الروائي سعيد.
اما الروائي الدكتور علاء مشذوب فقال تتجلى عظمة الرواية في السرد، إذا اتفقنا جزافا ان الرواية كتبت بصيغة الراوي العليم بكل شيء؟ حيث نقرأ في (ويخرج حينئذ ذئب رجولتك عاويا في صحرائك القاحلة، يسعى لأكل خروف انوثتها) ص70وكذلك (ان القبر وسيلة لعنوان الاتصال ما بين الغياب والحضور رغم ان مبتدعها الغراب الذي صار شؤما ولونه اسود يشبه رايات داعش.)ص74، واضاف ان النص يمتلك جرأة كبيرة. حيث نقرأ (فالجنس الذي قتل الناس والأنبياء معا) ص73 وكذلك هو صرخة في وجه رجال الدين ( حين كنت تقف امام صورة معلقة في باب المقبرة، تطلق سيل احتقارك وتلعن الزمن الذي جعل الصورة تلطخ الجدران حتى في المقابر وقد زادت على صور صدام (1000) مرة، وتلعن الساعة التي جاء بها هؤلاء وهم بالمحابس ويهيجون الناس باسم الدين والتضحية في سبيل الله والوطن.