تحطيم الأمل ..!!

الاحتجاج السلمي والتظاهر والاعتصام من مظاهر التمدن التي كفلتها الدساتير وصانتها القوانين المرتبطة بحماية حقوق الانسان ومنذ اكثر من ثلاثين عاما حرم الشعب العراقي من هذه الحقوق وغابت عن البلاد مثل هذه المظاهر باستثناء ماكان يقوم به النظام السابق من فعاليات مؤدلجة بايدلوجية وفكر الحزب الواحد والقائد الاوحد حاول من خلالها الادعاء بوجود فيض من الحرية في جمهورية الخوف وخلال السنوات المنصرمة التي اعقبت سقوط هذا النظام تبلورت مظاهر الحريات العامة ومارس الشعب العراقي حقوقه في التظاهرات والاعتصامات وشكلت منظومة القوانين التي نص عليها الدستور فرصة كبيرة كي يرى العالم واقعا جديدا في العراق وكان ينبغي على المؤسسة السياسية بشقيها التشريعي والتنفيذي تدعيم هذه المظاهر وحماية هذه الحقوق من اجل تثبيت معالم الديمقراطية الحقيقية التي تستمد قوتها من هذا الحراك الجماهيري السلمي الا ان ماحصل ويحصل ان مجموعة من المتخلفين والمصابين بعقد وامراض نفسية تمكنوا من النفاذ على مواقع المسؤولية وعمدوا الى تشويه حقوق الشعب العراقي في التعبير عن ارادته ورأيه واوهموا زعماء السلطة بتملق وتزلف مقيت بان القبول والاستجابة لمطالب المحتجين والمتظاهرين يعني تهديدا للنظام السياسي الجديد ومنح الفرصة للمعارضين لقيادة التغيير الذي لابد ان يتم برأيهم من خلالهم فقط ومن خلال احزابهم وبما لايتعارض مع منهجهم وتجربتهم والاخطر من ذلك هو اقتناع بعض رموز السلطة بهذا التوجه وبهذه الرؤية واقدم هؤلاء من اجل تسويق قناعاتهم على اضفاء عناوين العمالة والتخوين ونعت بعض قادة التظاهرات بنعوت الاجرام وعملوا على تجريد أي حراك جماهيري من محتواه الوطني وحصره بزاوية ضيقة من خلال التهميش او اللامبالاة او التدخل المباشر في ميادين التظاهرات والاحتجاجات وبث الفرقة بين صفوف المتظاهرين ولايمكن فصل مايجري في البصرة عن هذه الرؤية التي يؤمن بها هؤلاء المرجفون فما شهدته اقضية ونواحي وقرى البصرة خلال الايام الماضية كان تعبيرا عفويا لم تلوثه الاحزاب او اية جهات متنفذة بارادتها وهي تعبير حقيقي عن كل معاناة المدن العراقية ويحسب لاهل البصرة انهم كانوا العنوان الابرز في التصدي لحقبة التهميش والاهمال والفساد وكان يمكن لانتفاضتهم هذه ان تقطف ثمارها قبل ان تمتد لها الايادي السود مدفوعة بارادات مريضة لتخلط الاوراق وتحرق الاخضر واليابس وترمي بهذا الشباب الثائر في دائرة التخريب وليتصدر بالفعل مشهد المندسين على مشهد المحتجين ..مافعله المجرمون في البصرة تحطيم لآمال المستضعفين في التغيير والاصلاح واستعادة الروح في جسد البصرة الذي انهكته سياط الفساد والاهمال .
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة