أتوقف أحيانا عند خطاب الكثيرين ممن حاولوا بعد أن تحرروا (أو ظنوا) أنهم تحرروا بعد غفوة طويلة من الزمن الذي كان برمته وكأنه زمن أفتراضي مسروق من غفلة وطن مزقته الخرائط والحروب , خطابا يكون ( فعليا ) جادا يسهم في وضع لبنه جديدة للحياة الادبية التي كان ينشدها من يرتبط بالادب العراقي , الغريب في المشهد ( الان ) أنه لايمكن بأي حال ان يخضع لقانون التجنيس , اذ لم يعد للكثير خصوصية الاهتمام بهوية واحدة تمثل له جنسا معينا.
تجد بعضهم يمزج مابين الرسم والنحت والشعر , بل والشعر والرسم , وكأن كل هذه المفاهيم بما فيها الفلسفة حتى والنقد ومايرتبط به من مشارب يوضفها لخدمة مشروعه الحياتي وليس خدمة الجنس الفني او الادبي الذي ينتمي اليه .
حتى أننا لم نعد نرى عند تتبعنا لهذا الاديب (اخلاصا) تجاه رافد من روافد حياته التي يشعر أنه يبدع فيها لدرجة تبعده احيانا عن الواقع الذي يدور في فلكه منجزه الذي اشتغل عليه.
ففي بعض أعمال الادباء هناك من يدير ظهره عن جوانب تكاد تكون مسهمه بنحو فعلي في اعادة المياه النقية لنهر الادب لو انه تفرغ لها , سواء كانت قصيدة عمودية أو قطعة نثرية , هذا التخبط لعل له مبرراته عند البعض من قبيل ان المرحلة الراهنة تقتضي الخوض في مساجلات ومماحكات مع السائد في الشأن الثقافي بنحو عام .
لماذا كل هذا التخبط والفوضوية عند هؤلاء مع الاعتراف بأنهم يشكلون رقما نوعيا في الساحة الادبية والثقافية والفنية؟
لم نكن نعرف السياب الا شاعرا واجزم أننا لو تتبعنا أثره لوجدناه مبدعا في جوانب اخرى لم يفصح عنها , لم نعرف عن ( حسين نعمة ) الا انه صوتا جنوبيا رخيما وعذبا لكنه في ادق تفاصيل حواراته المتلفزة عرفنا انه فنانا تشكيليا , وآخر يعد من أبرز الاسماء في القصيدة الشعرية الشعبية لكنه يمتلك أنامل مبدعة في النحت . جميل ان يكون للانسان تجربته المنفردة وان يجري تسليط الضوء على خصائصها الفنية ضمن دراسات وطروحات وعروض تغني منجزه شخصيا وتثري المشهد الذي يدور في فلكه. ان حركة التأريخ الادبي والفني الجديدة في العراق تقتضي وضع الهوية المناسبة في (المحفظة المناسبة لها).
منشد الأسدي
الأديب.. وضياع الهوية
التعليقات مغلقة