أمنيات أن تكون مدرسة مماثلة لها في الرصافة

مدرسة الموسيقى والباليه الوجه الأجمل للعراق المدني
بغداد ـ حذام يوسف:

ربما يحق لنا ان نوسع دائرة احلامنا بعراق مدني، يكمل مسيرة حضارة بلاد الرافدين، مع اننا ندرك ان احلامنا هي حق طبيعي من حقوقنا كمواطنين، نحلم ان تكون في كل مدينة، ومحافظة مدرسة خاصة بالموسيقى والفنون الجميلة، لتنشئ الأجيال المقبلة على صوت الموسيقى بدلا من صوت الانفجارات، وتكون مماثلة لمدرسة بغداد للموسيقى والباليه.
مدرسة بغداد للموسيقى والباليه من المدارس القليلة ان لم نقل الوحيدة التي تختص بدراسة الفنون الموسيقية، تتميز ايضا بأنها المدرسة الوحيدة الي تستقطب الأطفال من المرحلة الابتدائية، وصولاً الى المرحلة الإعدادية ضمن قسمي الدروس التربوية الاعتيادية، والقسم الفني للدروس المتخصصة في الموسيقى والباليه، وتمنحهم شهادتي تخرج للطالب، أكاديمية وأخرى فنية، اضافة الى تفردها بالدراسة المختلطة بين الجنسين حتى المراحل الإعدادية.
تأسست المدرسة عام 1969 في بغداد تحت اشراف أساتذة فنانين من مسرح البولشوي في روسيا، وهو أروع المسارح العالمية، و رمز تاريخي من رموز الثقافة و الفن بمدينة موسكو الروسية، ويقع بالقرب من الكرملين وتقدم عليه العروض المسرحية، والأوبرا، والرقص، وقد جاءوا آنذاك الى العراق، من أجل هذا الموضوع حصرا، وتولى ادارتها لسنوات عديدة الفنان عزيز علي، ليسهم بدعمها عدد من الأساتذة الفنانين العراقيين منهم الموسيقار منير بشير، والسيدة أكنس بشير (هي عراقية من أصل روسي).
أكنس بشير هي مؤلفة، و متزوجة من فكري بشير شقيق منير بشير، الذي كان مديراً عاماً للمدرسة، وبرعاية الأميرة بسمة بنت طلال، عملت أكنس مع فكري على جمع كل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة(اليونيسف)، والاتحاد العربي للموسيقيات، والسفارة الأميركية في بغداد، وممولين محليين مثل شركة الاثير للاتصالات في العراق، وشركة فاست لينك في الأردن، لرعاية المدرسة في العقد الأخير.
تعاقب على إدارة مدرسة الموسيقى والباليه عدد من الأساتذة من الجنسين، منهم السيدة ناجحة نايف حمادي التي استمرت بالعمل لعشرين عاماً، والمدرسة كانت وما زالت تستقطب المواهب الفنية من الأطفال لجميع الفنون الموسيقية، والرقص، ممن يملكون أذنا موسيقية، أو ممن لديهم أحلام خاصة بعالم الموسيقى والباليه، ويلاحظ ان عدد كبير من أبناء هذه المدرسة هم اليوم عازفين كبار في الفرقة السيمفونية العراقية، او انهم فضلوا ان يركزوا على موضوع التدريس، فكانوا أساتذة اكفاء في المدرسة التي احتضنتهم وهم صغار.
وكانت المدرسة، تدرس الموسيقى الأوروبية، ثم ادخل الفنان منير بشير الآلات العربية والعراقية اليها، وأصبح قسم الآلات العربية قسماً مستقلاً بالمدرسة، إضافة إلى القسم الأوروبي، وتواصلت المدرسة في احتضانها للطاقات المميزة من الأطفال ومن كلا الجنسين، برغم الظروف الصعبة التي مر بها البلد في تسعينيات القرن المنصرم، لتحافظ على مسيرتها الرائعة من دون كلل او ملل.
ويؤكد الأستاذ الفنان احمد سليم غنيم الذي يتولى اليوم إدارة المدرسة وفي أكثر من لقاء له في الصحافة، ان المدرسة تشهد لأول مرة منذ تأسيسها اقبالا كبيراً من العائلات العراقية على تسجيل أبنائهم فيها، مؤكدا ان عدد المتقدمين وصل الى (400) طالب وطالبة، وبعد اجراء الاختبارات المطلوبة من لجنة خاصة تضم عدد من الأساتذة الكبار والاختصاصيين في مجال الموسيقى، وتم قبول(70) طالباً فقط :» المدرسة شهدت نقلة نوعية كبيرة هذا العام بافتتاح روضة الموسيقى والباليه الحكومية التابعة لها، وهي مكملة لتأهيل الطفل وتدريبه على الفنون الموسيقية في مراحل التعليم الأولى، دون سن الست سنوات»، موضحا ان ملاكات المدرسة تبحث دائما عن الجديد لتدعم الطلبة والأساتذة معا، عبر استحداث مناهج للتدريس ملائمة، ومواكبة لما متبع في مدارس الباليه العالمية.
مدرسة الموسيقى والباليه شاركت في العديد من الحفلات الرسمية التي اقامتها الفرقة السيمفونية العراقية على المسرح الوطني، دعما للطلبة الصغار، وتقديرا لهم ولجهودهم وحماسهم، وهناك مجموعة من الطلبة المميزين والمختصين بالعزف على الات محددة، يستحقون الدعم ليكونوا نماذج مشرفة لموسيقيين كبار في المستقبل.
ومن اجل أن نخرج برؤية موضوعية عن المدرسة كان لابد لنا من الحديث مع احد أولياء الطلبة ونظرته للمدرسة والعمل بها، فكانت لنا وقفة مع الست تضامن والدة الطالبة اسيل التي تحدثت بحسرة عن الوضع السائد في المدرسة، وتفضل طالب على طالب آخر:» نظام الدوام التربوي استطاعت المدرسة ان تهيء ملاك تدريسي محترف، وملتزمة بعدد الطلاب الذي لا يتجاوز ال (25) طالب، فيتلقون المادة (بنحو سلس)، ولو ان الطلبة يعانون من صغر قاعات التدريس بسبب البناء القديم للمدرسة، اما الجانب الاخر وهو الفني، والذي يبدأ عند الساعة الواحدة ظهرا، هنا المدرسة فشلت في توفير ملاك تدريبي من عازفين، فالطلاب لا يتلقون تدريبات كافية، بنظري، فمثلا في حالة العزف، لا يجوز ان يدرب الاستاذ اكثر من خمسة طلاب، ولكننا نرى اعدادا اكثر من ذلك، وهذا يعني ان الطلاب سوف لن ينالوا حظا وافيا من التعلم والتدريب، وقد يدفع هذا العدد الكبير الاستاذ ان ينحرف عن مزاجيته، الى العصبية التي تنعكس سلبا على الطلاب، هناك حالة اود طرحها من خلالكم، وهي التدريبات الفنية، فالطالب العازف لا يأخذ حصصا كافية في تعليم الموسيقى، او الباليه، بسبب ضيق الوقت، اما الطالب ابن الاستاذ الفني (العازف، او الباليه)، يكون أوفر حظا في التعلم، فهو يتدرب في البيت اضافة للمدرسة بنحو اكبر، فتكون فرصة ظهوره على المسرح وفي الحفلات اكبر، في حين تغمر حالات ابداعية اخرى، بظهور جماعي، او عدم ظهورها اصلا.
مؤخرا حرصت إدارة المدرسة على اعمار البناية بنحو كامل، حسب تصريح السيد المدير احمد سليم، ليكون معلما من معالم الثقافة العراقية، وهناك خطوة داعمة للطلبة من خلال توفير باصات نقل لهم مجانا، أيضا تأهيل الكافتيريا خاصة بالمدرسة لتقدم وجبات طعام مجانية للطلبة، مع تجهيز كل طالب بآلة موسيقية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة