حذام يوسف طاهر
«الى الباحثين عن الحقيقة …
يؤسفني أن أكون انا من يخبركم انه لا توجد حقيقة..»
بهذه الجملة الصادمة يبدأ الباحث اهدائه، في مفتتح كتابه الصادر عن دار الكتاب العربي في بغداد، ومؤسسة الصفاء للطباعة / لبنان بعنوان (عبد الله ابن سبأ .. حقيقة ام خيال).
كثيرة هي الاحداث التي مرت على تاريخ الافراد والشعوب، ربما تكون احداث عابرة، وبالمقابل هناك احداث لا يمكن ان تمر علينا هكذا دون توقف وتأمل وتدقيق، وبحث جاد ومحايد، بمعنى ان لا نميل تجاه قضية على حساب أخرى، وفي الكتاب يحرص الأستاذ الاعسم على ان يبحث بأمانة الكاتب الملتزم، ويؤكد في مقدمته « اننا بحاجة لدراسة التاريخ دراسة علمية مستفيضة، وفي حاجة أشد الى دراسة المدارس الفقهية في صورة أعمق مما وصل الى أيدينا لنقول للمخطئ أخطأت ونقول للمحقق أحققت».
القضية اذن قضية امانة تاريخية، فكتابة الرواية تحتمل ان نشرك الخيال مع الواقع، ونضفي عليه دراما معقدة لجذب القارئ او لتكون الحكاية مؤثرة ومستفزة للمتلقي، ولكن على الطرف الاخر من الكتابة هناك دراسات تعنى بالتاريخ، وهنا لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان نكون منحازين او نميل لحزب او جهة دون أخرى، بل من الواجب والأمانة التاريخية ان نكون محايدين، لننقل الخبر او الحدث كما هو دون زيادة ولا مبالغة ولا اختصار.
في هذا الكتاب (عبد الله ابن سبأ .. حقيقة ام خيال)، يناقش الكاتب شخصية عبد الله التي يصفها بأنها شخصية اسطورية، كتب عنها الكثير من الكتاب اللذين أسبغوا عليها صفات واحداث غير حقيقية، وقد كتبت العديد من الأبحاث عن هذه الشخصية ومنهم من يراها وهمية، واخر يراها حقيقية.
الكاتب حرص عبر ثلاثين مبحث في الكتاب، على ان يكون محايدا وحريصا على نقل المعلومة للقارئ، مركزا على مصطلح الغلو، وتأويله، كما تناول عدد من الشخصيات التي كان لها الأثر في مرحلة تاريخية معينة مع اراء لعدد من المستشرقين وللدكتور طه حسين والباحث على الوردي، ليصل الى خلاصة تفضي بأن هذه الشخصية وهمية، ولدت من بين طيات الكتب وتداولت على يد النساخ والطباعين ونضجت بمراحل على يد من لا يريد للتأريخ ان يكتب صحيحا.
الكتاب يجوز لنا ان نصفه بأنه دعوة للبحث ونبش التاريخ بكل احداثه وشخصياته، والبحث يتواصل ما حيينا ولن يتوقف.