تصطحب بنات الشواكة في المعهد الفرنسي

الفنانة نسرين الملا

حاورها: علي إبراهـيم الدليمي

على قاعة المعهد الثقافي الفرنسي في بغداد، أفتتح المعرض الشخصي الأول للفنانة (نسرين الملا)، تحت عنوان (نساء الشواكة)، ولمدة إسبوع. وقد تخلل الاحتفال مقدمة من المعهد الفرنسي مع الست الكساندرا دوشين، وقد ضم المعرض أكثر من (25) لوحة زيتية باحجام مختلفة، استلهمت موضوعا واحدا، ألا وهو نساء منطقة سكناها (الشواكة) هذه المنطقة التي تقع في كرخ بغداد.
حاورنا الفنانة الملا، لتحدثنا عن معرضها هذا:
-في البداية أقدم شكري وتقديري للمركز الفرنسي، الذي اتاح لي فرصة عرض أعمالي، الذي يمثل انطباعي الفكري والفني عن نشأتي في مكان جميل، وهو منطقتي (الشواكة) فحاولت ترجمة مشاعري بأعمال أهديتها لهذا المكان الذي كان لي فيه بيت، في يوم ما، وملاذ آمن وذكريات جميلة بكل ما تحمل من سعادة أو حزن فهو المكان الذي سحرني باركانه المعمارية البغدادية الأصيلة حتى بدأت أرسمها في مخيلتي منذ الصغر فكانت النساء هن العطاء في أحلك الصعوبات فتعلمت منهن القوة فمثلتهن بجمالهن الحقيقي وهن مغمضات العين في حالة تامل وتمرد على واقعهن يتأملن أملا جديدا لغد أفضل.
-وماذا تشكل لك منطقة (الشواكة)؟
-الشواكة، واسمها تشمه أولا من رائحة الخبز حين يكون الشوك في تنورها وتسمعه إيقاعاً عذباً بأمواج دجلة حيث تغفو على ضفافه كما تغفو عليه نساء من الشواكة بعد يوم متعب ترسم كل يوم معلماً إنسانياً ووجهاً جميلا لمدينة ٍلا زال النهر يعشقها وتتزاحم أمواجه لتلمس أصابع نسائها لتكون لؤلؤاً حين ليل بغداد. هنا في هذا المعرض أغني ذاكرة المدينة ونسائها ولا اسردها فذاكرتها شعراً وقصائد من عشق وولع.
-ولماذا النساء دون الرجال؟
-تناولت موضوع النساء لانهن جميلات رغم القيود التي فرضت عليهن بسبب العادات والتقاليد التي جرت عليهن حتى ان كانت على خطأ فقد تحملن اعباء ليس لهن ذنب فيه.. برأيي ان العادات والتقاليد بشعت المرأة وقيدت حريتها فجعلتها أسيرة بحسب ما رسم لها وليس عليها تخطي ذلك الحد المرسوم وهذا واضح في الخطوط والزوايا الحادة والشبابيك، انا أدافع عن حقهن في الحياة بان يكون لهن رأي ومكان وأمان، فهن يفتقدن أبسط مقومات الحياة وهو الامان بسبب المجتمع الذكوري الذي كان ولا يزال، لقد مثلتهن بجمالهن الحقيقي حسب رأيي تناولت العين المغمضة لتمردها على الواقع، تناولت الشبابيك لانهن مقيدات وليس لهن الحق بان يتخطين الحد المسموح أو الذي رسم لهن، تناولت مفردة السمكة لانها حرة في مياه النهر.. في كل المرات أرى وجوههن متعبة فأغرق في تجاعيد وجوههن في ما قدمن من عطاء فحاولت ان أعطي لهن وجها جميلا كما هن وجسدا رشيقا يمثل انوثتهن التي تتلاشى بمرور الزمن جميلات لانهن فعلا هكذا.
-إذن فنك إرتبط بمكان طفولتك .. أو بالعكس؟
-الفن يمثل الديمومة لذاتي التي لا زالت تبحث وبتنقيب مستمر عن كل يوم عشته في منطقة شعبية ساحرة بطلتٌها على نهر دجلة العذب وهي منطقة (الشواكة) واخراجها بمخرجات فنية وذلك عن طريق الاحداث التي عشتها ورأيتها وسمعتها من والدي ومن كبار السن عن الحياة الجميلة والموروث الشعبي مما كان له التأثير الضاغط على مسيرتي الفنية في تحديد أسلوب تعبيري خاص، فكان للمكان تأثير مهم في رسم خارطة فنية بدأت بها مشواري لتحقيق هوية المكان والزمان والموروث في ذلك الوقت الذي كان ولا يزال يمثل الحياة النابضة بسحره وعبقه في كل ما تركه لنا من أثر. ساعية لإيجاد إخراجات جديدة. واصطناع خطوط مغايرة في تبديل العناصر والاشكال الطبيعية بأسلوب فني معاصر لتسجيل مفردة (المرأة) في الحياة البغدادية كواقع تكويني مهم، فكان الفن الشعبي او الموروث المنطقة الخصبة التي ربطت بها رؤيتي الفنية فوجدت نفسي متفاعلة بعفوية بدون افتعال في تأويل نص فني خاص بهذه الحقبة من الزمن، معبرة عن المرأة التي كانت محور النص الفني في أعمالي والمواضيع المتنوعة المحيطة بها من دون توقف او هوادة في توثيق الكثير من الاعمال (سكيجات) التي لا زالت قيد التنفييذ.
الفنانة نسرين الملا مواليد بغداد (الشواكة) – 1983، ماجستير رسم كلية الفنون الجميلة 2022، لديها مشاركات في المعارض الفنية منذ عام 2005 وحتى الآن، عضو في كل من جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، ونقابة الفنانين.
تصوير: فلاح حسن

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة