قطر وجيرانها.. والمسكوت عنه

كل ما قيل عن الازمة بين دولة قطر وجيرانها الخليجيات يتدرج من سوء تفاهم حول ما نسب من تصريح لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الى خلافات تبدو من النوع الذي يمكن تسويته بالحوار الامر الذي يتصل بـ»فلسفة» الجمع بين التزامات الشراكة الاقليمية حيال قضايا الامن والتهديدات الخارجية وبين النهج المستقل لكل دولة خليجية في اختيار السياسات والمواقف «التي لا تضر بالشراكة» كما هو وارد في البيان التأسيسي لمجلس التعاون الخليجي في ايار 1981 .
لكن، منذ عقدين من السنين اخذت قطر سبيلا مستقلا لم يكن موضع ارتياح الدول الخليجية وبخاصة السعودية، وشاء هذا المنحى القطري ان يتزامن مع انطلاق فضائية الجزيرة العام 1996 حيث توزعت شكاوى الخليجيين في غالبيتها بين نهج الفضائية الاخباري الذي عدّ محرضًا لآثار المعارضات الداخلية لدى الجيران وبين خطوات دبلوماسية قطرية لم يكن مرضياً عنه خليجيًا، والحال، ولاسباب اخرى، صار لامارة قطر نفوذاً اقليمياً ودولياً اكبر من حجمها واكثر مما تتيحه مسموحات الشراكة الخليجية، وعلى هذه الخلفية، شهد العقدان الفائتان سلسلة توترات ومواجهات بين قطر والدول الخليجية والكثير من الدول العربية التي شعرت بالضيق من خدمات الفضائية القطرية بعد ان استقر نهجها على خط «الاخوان المسلمين» والحشوة المتطرفة منهم، وصارت الدوحة مضافة دائمية للقيادات الاسلامية المتطرفة والكثير من قيادات الخط القومي المتحالف مع ما كا يسمى بـ»الجهاد الاسلامي» ولم يكن هذا السلوك القطري يثير أي ضيق في الغرب وبخاصة الولايات المتحدة، وذلك حين فتح القطريون جسرًا مع اسرائيل، وثم وضع قاعدة العديد في خدمة القوات الاميركية.
وحتى الان، يمكن القول ان الطور الجديد من التوتر بين قطر والتحالف السعودي «مُسيطر عليه» من وجهة نظر التحليل الموضوعي، على الرغم من ان «الغسيل» هذه المرة ثقيلا، وباهض التكاليف، فثمة اتصالات ساخنة لاحتواء الازمة و»اعادة المياه الى مجاريها» تشارك فيها زعامات دول وشركات بترول ووسطاء «اخيار» من رابطة الدول الاسلامية، فالمشكلات المعلنة لم تخرج عن «مناكفات شخصية» او ملاسنات اعلامية أو «هواجس» يضمرها كل طرف نحو الطرف الآخر، وثمة تسريبات عن تحول العاصمة الكويتية الى غرفة عمليات مفتوحة بادارة دبلوماسيين اميركان لهم باع باطفاء الحرائق التي تشب بين «الاصدقاء» وفي غضون ذلك قال احد معلقي البي بي سي ان الأزمة بين قطر والسعودية لها صلة بالنفط.. «فاتركوا النفطيين يحلونها».
اما المراهنين على «انشقاقات» وحروب تعيد منطقة الخليج الى عهد السلطنات فانهم يستعجلون طهي الامنيات التي لا تعدو عن كونها حصى.
*********
الفريد هتشكوك:
«الضربة لا تُرعِب، ما يرعب هو انتظارها».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة