عبدالزهرة محمد الهنداوي *
يتوقع خبراء الارصاد السياسية ان يكون المناخ السياسي في العراق خلال فصل الصيف الذي بدأ مبكراً وبقوة حافلا بالكثير من المنخفضات والمرتفعات والاعاصير والعواصف المصحوبة بامطار حامضية غزيرة وكراكيع وزوابع رعدية شديدة !!
وقد بدأت ملامح الوضع المناخي السياسي في العراق تتضح شيئا فشيئا مع مرور الايام .. فربما الاعصار الاول الذي سيعصف بالبلاد وقد بدأنا نسمع صوت الريح يصفر في الافاق يتمثل بعدم اقرار الموازنة العامة للدولة بالرغم من انتهاء النصف الاول من العام , وكان الناس يتأملون ويمنون انفسهم بان البرلمان السابق الذي سيتحول الكثير من اعضائه الى البرلمان الجديد ان يتمكن من تمرير الموازنة قبل ان يعلق اللافتة التي تحمل عبارة (مغلق لعدم مبالاة عدد غير قليل من الاعضاء بحياة الناس) !.. كيف نتصور ان تسير الحياة في بلد يصل تعداد سكانه الى نحو(35) مليون نسمة من دون موازنة ؟؟.. اعصار الموازنة هذا الذي لايقل قوة عن اعاصير المحيطات سيؤدي الى توقف الكثير من مناحي التنمية وبالتالي حصول شلل تام في الحياة .. وتأثيراته قد تستمر اطول مما يتوقعه خبراء الارصاد السياسية .. فهؤلاء الخبراء يؤكدون ان هذا الاعصار سينضم الى عدد من المرتفعات والمنخفضات مما سيزيد من قوته التدميرية ..اذ ستتعرض البلاد في غضون الايام القريبة المقبلة لمنخفض قادم من مراكز العد والفرز لنتائج الانتخابات الذي سيؤدي الى ارتفاع كبير في درجات حرارة الاجواء السياسية .. منخفض النتائج هذا ستظهر بوادره في الاجواء بقوة بعد اعلان النتائج حيث تشير كل كتلة من الكتل الكبيرة والصغيرة التي خاضت غمار الانتخابات بأنها هي التي حصدت اصوات الناخبين واذا حصل غير ما تقول فان ثمة ايد خفية دخلت الى بطون الصناديق وقامت بتغيير النتائج !!.. واذا افترضنا صحة قول كل جهة من تلك الجهات فمعنى هذا ان عدد اعضاء مجلس النواب ربما سيتجاوز الـ(750) عضواً .. اذن كيف سيكون رد الفعل اذا ما اعلنت المفوضية النتائج وهي غير ما تقوله الكتل ؟ .. وماذا يحدث لو تعادل الجميع في النتائج ؟! هل ستلجأ المفوضية الى استعال ضربات الجزاء الترجيحية بين المتعادلين ؟! .. وهل سيقبل الخصوم بهذا الحل لاسيما مع تصاعد الاصوات بوجود حالات تزوير حقيقية من دون تقديم الادلة على ذلك !.. منخفض النتائج المسربة وتلك التي سيتم الاعلان عنها رسمياً لن يكون اقل قوة عن ذلك المرتفع الشديد الذي سيكون مصحوباً بارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها بنحو كبير يصاحبه غبار كثيف يؤدي الى انعدام الرؤية وحصول حوادث مروعة !.. المرتفع المشار اليه يتعلق بمرحلة مابعد النتائج وما هو شكل التحالفات ولون الحكومة الاتحادية التي يكثر الحديث عن رئيسها من دون كابينته الوزارية .. فالبعض يريدها حكومة شراكة لاتختلف عن سابقتها التي ظلت مكتوفة الايدي بسبب المماحكات والتجاذبات بين الكتل البرلمانية التي ينتمي اليها الوزراء واصبحت الانسحابات المتكررة من الحكومة ربما هي العلامة الفارقة التي وسمت تلك المرحلة.. وآخرون يريدونها حكومة اغلبية سياسية مع وجود معارضة برلمانية فاعلة تساعد على تمرير القوانين التي تخدم الناس وليس عرقلتها كما دعت لهذا المرجعية الرشيدة .. وبين هؤلاء واولئك ثمة صوت يعلو يدعو اصحابه الى التغيير !! ولكن يبدو ان التغيير المقصود في هذا الجانب هو تغيير رئيس مجلس الوزراء بغض النظر عن ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات ..وبدأت ظاهرة الخطوط الحمر تظهر هنا وهناك فيما بين الكتل .. فالكرد الذين نشب الخلاف قوياً بينهم وضعوا خطاً احمر امام منصب رئيس الجمهورية بوصفه حقاً مكتسباً لهم ولن يسمحوا لاحد ان يقترب منه في وقت رصد المراقبون وجود حركة غير محسوسة لـ(السنة العرب) للاستحواذ على هذا المنصب مع وضعهم خطا احمر على الولاية الثالثة يشاركهم في رسم هذا الخط وجعله اكثر وضوحاً عدد من الكتل المنضوية تحت لو (التخالف) الوطني الذي انفرط عقده وسط شماتة (ابلة طازة) ! .. ووسط هذه الظروف المناخية الشديدة العتمة يطل علينا الرئيس اوباما باعصار آخر حين يتحدث عن عودة وشيكة الى العراق لفرض عملية اصلاح جذرية على القيادات العراقية سياسياً واقتصادياً وامنياً !!!
في ظل هذه الرؤية غير الواضحة الممهورة بالخطوط الحمر.. وفي هذا المناخ المتطرف الذي تتعاقب عليه المرتفعات والمنخفضات والاعاصير وبعد مرور احد عشر عاما على التغيير في العراق .. كيف سيكون حال البلاد والى اين نحن سائرون ؟؟ .. الى متى يبقى الفرقاء السياسيون يفكرون على هذا النحو ويقفون في الجانب الاخر من مصلحة الناس .. الا يكفي العراق ما مر به ؟.. عواصف واعاصير اتت على كل شيء .. متى سنشهد مطر الخير يهطل على البلاد ليحل الربيع الحقيقي .. مطر يبعث الهدوء في النفس بعيداً عن الاعاصير والكراكيع السياسية.
*الناطق بأسم وزارة التخطيط