تُشن حملة سياسية ودعائية إعلامية ضد الكرد وإقليم كردستان من قبل العرب القوميين والبعثيين الشوفونيين القدماء والجدد، أنصار النظام البائد الذين وجدوا فرصتهم من جديد بنهش جسد العراق خصوصا الشعب الكردي. ذاقت القومية الكردية التي جعلها الدستور العراقي في ثورة 14 تموز/ 1958 ثاني أكبر قومية بالعراق، ذاقت أبشع وسائل التعذيب والتقتيل والتهميش والتهجير كشعب يطمح لنيل حريته وحقوقه المشروعة طيلة خمسة عقود أو أكثر.
على الرغم من التضحيات الكبرى التي بذلها الشعب الكردي من خلال نضال أحزابه السياسية التاريخية في سبيل تحرير إقليم كردستان من ربقة الدكتاتورية المركزية ببغداد التي كان يسيطر عليها نظام دكتاتوري بشع ممثلا بصدام حسين. تمسك الأكراد بحقوقهم الثابتة والمشروعة. من هنا يجب مراعاة مستويات الشك والتخوف من قبل الأكراد حيال الحكومة العراقية المركزية المتنفذة حاليا بالقرار السياسي “السيادي ـ الإتحادي”، إن كان هنالك ما يسمى بالقرار السيادي في دولة منفطرة ومتشظية السلطات لا أحد يعرف فيها مقدار الصلاحيات الدستوورية أو التنفيذية أو التشريعية. في واقع الحال ليس هنالك ملامح لدولة اسمها العراق سوى بالخرائط الجغرافية. على الصعيد الواقعي يمثل العراق كدولة مهلهلة وغائبة تماما على الساحة الداخلية والفوضى العسكرية التي تجري في المحافظات الغربية، ناهيك على الصعيد الدولي والإقليمي الذي لا يدخر وسعا باهمال العراق ومحاولات إسقاطه بالكامل من الخارطة السياسية لولا العامل الجغرافي للعراق. دولة العراق يقودها أشخاص عراقيون طائفيون بسطاء ليس يتوفرون على التجارب السياسية بقدر تجاربهم الضعيفة بالنضال ضد النظام السابق.
الأكراد أكثر رحمة وأكثر إنصافا بالعرب الذين شاركوهم النضال من أجل تحرير كردستان. الدولة العراقية تبقى تحافظ على نسقها التاريخي بالضد من حقوق الشعب الكردي الواضحة المطالب بما فيها حق الإنفصال فيما لو رأى الأكراد أن مصلحة شعبهم تتطلب ذلك. الدولة العراقية الحالية مجرد سلطة تنفيذية عاجزة لا غير. البرلمان معطل والمحاصصة الطائفية تلعب ألعابها الخبيثة على مدار عقد من السنين. الأكراد سلطة إقليمة مسؤولة وشعب حر وسوف يثبت للتاريخ دوره الحيوي بتقويم حكومته بالرغم من جميع الصعوبات التي يواجهها ضد المدرسة السياسية العراقية القديمة التي تدير شؤونه الأن.
لم يتبجح الأكراد بنيل بعض حقوقهم التاريخية في مناطقهم؛ وعلى العكس من ذلك ساهموا أكثر لرأب الصدع بين المكونات السياسية العربية المتناحرة فيما بينها، ولا ينسى المواطن العراقي كيف صارت أربيل قبلة لحل النزاعات السياسية بين جميع الأطراف. الأكراد أكثر حكمة والأكثر إخلاصاللعراق في هذا الوقت العصيب.
علي عبد العال