فنانـون خالـدون

كلّ من يهتم بالفن (بعيداً عن السياسة) يعجب بشكل طبيعي بفنان معين الموسيقي والمطرب، وقد يحفظ جميع أغانيه ويخوض (المعارك) دفاعاً عنه كما كان يحصل في الخمسينيات بين أهل بغداد من محبي عبد الوهاب، وأهل الموصل من محبي فريد الأطرش، وبقي عبد الحليم قاسماً وسطا من محبّ وكاره.

في حقل التمثيل برز فنانون وفنانات بقيت أسماؤهم خالدة في عالم السينما مثل يوسف وهبي وأمينة رزق وفردوس محمد وعبد الله غيث وغيرهم، ولكن جيلنا الخمسيني تابع أعمال الفنانة الكبيرة فاتن حمامة وإبداعاتها المتجددة بحيث أصبحت أكثر الفنانات شعبية على الرغم من وجود فنانات كبيرات عاصرنَ ذلك الزمن وبرزن في أعمالهن، ويمكن القول ان لتمثيل وسلوك فاتن حمامة معاً أثرهما في حب المشاهدين لها، فهي إنسانة محترمة وملتزمة ولم تقبل حتى بعملية القبلة في الفيلم إلا مع زوجها السابق عمر الشريف.

ان أفلاماً مثل الحرام ودعاء الكروان ونادية والخيط الرفيع وإمبراطورية ميم وليلة القبض على فاطمة وغيرها تمثل أنموذجاً في الفن السينمائي الراقي، ولو أن إعتبارات (الأوسكار) المعروفة في منح الجوائز نزيهة لبادروا الى إعتبار تمثيل فاتن حمامة في فيلم ليلة القبض على فاطمة يعادل ويزيد إبداعاً على العديد من تمثيل من حصلن على جوائز الأوسكار، فهي تعيش الحدث بصوتها وحركاتها وإنفعالاتها يساعدها السيناريو والحوار والتصوير والإخراج (البركاتي).

قرأت خبراً بأن فاتن حمامة وقد بلغت الواحدة والثمانين من عمرها قد وصلت الى بيروت لتكريمها بوشاح الجامعة الأميركية، كما ستمنح شهادة الدكتوراه الفخرية تقديراً لجميع أعمالها السينمائية.

وفاتن ليست بعيدة عن بيروت، فقد عاشت فيها ردحاً من الزمن بعد أن هربت من محاولات الأجهزة الأمنية المصرية السابقة بتجنيدها كما فعلوا مع سعاد حسني التي (صفوها) بعد إتمام صفقاتهم معها، ولكن فاتن حمامة فضلت الهرب الى بيروت ورفضت كل التهديدات والمغريات للإنخراط بهذا السلك، وبذلك ضربت مثلاً رائعاً في الأداء الأخلاقي.

ولا أدري لماذا لا يكون هناك تقليد عربي في تكريم كبار الفنانين، مع العلم ان هناك بعض المهرجانات العربية تقوم بتكريمهم مثل يوسف شاهين وتوفيق صالح وغيرهما، ولكن ومع إحترامي لدور جامعة الدول العربية السلبي في السياسة، فانها بإمكانها أن (تجمع) العرب ثقافياً وفنياً من خلال مهرجانات تتبناها لتكريم الفنانين الكبار من موسيقيين ورسامين وممثلين وان تضع جائزة ثمينة لذلك من دون أي تدخل (قطري) في الموضوع !

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة