داخل كلّ رمانة حبَّة من الجنَّة

ميادة إبراهيم قداح

هذا ما قاله الروائي العراقي سنان أنطوان في روايته  ( وحدها شّجرة الرّمان) الشَّجرة التّي كان جواد يرفض أن يأكلَ من ثمارِها، لأنَّها تروى من المياه التي يتم فيها تغسيل الموتى في (المغيسل)، المكان ذاته الذي كان يعمل فيه والده والذي  كان قد ورثه عن أبيه، وراح يحلم أن يرثه ابنه عنه، إلاَّ أنَّ جواد كان قد شنَّ حرباً على والده عندما اختار الدَّراسة والانتساب لكليّة الفنون الجميلة (نحت وتصوير)، فراح يتصور كيف تشكل الإنسان من صلصال وكيف يهشّم التماثيل، كما ذكر أنه يروى في إحدى اكتشافات الخلق أن كيف تكون الإنسان: إنَّ الآلهة، ولزمن كانت تقوم بواجباتها، إلا أنَّها تعبت، فاشتكت إلى إله الماء والحكمة (آنكي) ليخفف عنها، لكنه لم يسمعها لأنّه كان يسكن القاع، فالتجأت الآلهة إلى أمّه (نمّو)، التي طلبت من ابنها أن يجعل للآلهة عبيداً، فدعا (أنكي) الحرفين الإلهيين ليصنعوا البشر وقال لأمه: اغرفي حفّنة من طين من فوق مياه الأعماق وأعطيها للحرفين ليعجنوها، بعد ذلك قومي أنت بتشكيل الأعضاء بمساعدة الأم الأرض. وهكذا يكون قد خُلِقَ الإنسان ليأخذ عن الآلهة عناء العمل.

وهنا يريد أن يقول الكاتب بأن الإنسان خُلِقَ للعمل والتّعب والشّقاء .. فجواد الذي درس وتخرج من الجامعة ضاعت كل أحلامه وأمانيه، وفشل في تكوين بيت وأسرة، في ظل الحرب التي دارت رحاها في العراق، حيث كان الصراع بين السنة والشيعة، واجتياح الكويت والخروج منه، مما جعل كل الطرق مغلقة في وجهه حتى محاولاته بالهجرة، وذلك بسبب عمّه الذي كان ينتمي للحزب الشّيوعي. هذا كلّه فرض عليه العودة للعمل بمهنة والده من أجل كسب لقمة العيش، فصارت تراوده الكوابيس طوال الليل، من كثرة الجثث المشوهة التي كانت تصل للمغيسل.

الرواية تتألف من 254 صفحة، فيها الكثير من الأحداث التي لم أتطرق لها كي لا أفسد عليكم قراءتها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة