نامق عبد ذيب
لا تكن غبيّاً أيها الجسر
أنتَ تمدُّ ساقيكَ في الأرخبيل البعيد كأيِّ طويلِ الساقين
وأنا أبحثُ عـن سمكةٍ تائهة مرّتْ تحتكَ دون أن تنتبــهَ
لدموعِها التي أغرقتِ البحر
هناك في البحر
تضيعُ الكثيرُ من الأغاني
إلا أغنيةٌ واحدة أخذتْهُ من ناصيتِهْ
( هيلا يا واسع )
كانت تزجرُهُ وتلقي بهِ تحت قدميها
لا إسطنبول
ولا أنطاليا
ولا أنقرة
أنا أنطفىء في بلاد الأناضول
بينما جمرةٌ في القلبِ يصعدُ دخانُها في الأعالي
تائهاً بين المداخن الغريبة
الرجلُ التركيُّ الذي وضع يديهِ على كَتِفي
أحسَّ برجفةِ الغريبِ في وحدتِهِ
كانَ يشهقُ
كان يحدِّق إلى لا أحد
جوروم الدائرية
جوروم التي تحيطُها الجبالُ من كل الجهات
لا تعرفُ الفتى العربيَّ التائهَ في دروبِها
الفتى العربيَّ الذي ضاعَ في المربّعات
كلُّ امرأة تركيّةٍ عابرةٍ تحدِّق بي
تتساءلُ مَنْ هذا الرجلُ بشَعْرهِ الأبيض الذي يغرورقُ قلبُهُ بالدمع
حتى أننا لم نعدْ نعرفُ ما نفعلُ بأغانيهِ
ولا نعرفُ ما تقول دموعُهُ المسفوحةُ على الأرصفة
ما لهؤلاء الأتراكِ يحتجزون الأماكن كلَّها
فلا أرى مصطبةً فارغةً أُلقي بجسدي بين أحضانها
ما لهم لا يسمحونَ للشجرةِ بأنْ تُلقي بظلِّها
على كرسيٍّ في المقهى البعيد
كلّما رأيتُ منارةً في أنقرة أصبحتُ أكثرَ طولًا
الأناضوليات جميلات جداً
لكنهنَّ دائماً يحدّقْنَ في الفراغ
كأنَّ عيونَهنَّ ولايةٌ بعيدةٌ أعرفُها هناكَ على الفرات
ولكنّكَ وحيدٌ أيها المزدحم
لا المقاهي تعرفكَ
ولا الشوارعُ
ولا الخانات
أنتَ مجرّدُ عابرٍ لا صورة لهُ
ولا صوت
«»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»»
- كُتبت القصيدة بتاريخ 18-11-2015 أيام هجرتنا إلى تركيا