لبنان 1991-رحلة في كوكب ممزق

أحلام يوسف

في كتاب «لبنان 1991-رحلة في كوكب ممزق» للدكتور حسين الهنداوي، حاول الكاتب التوثيق لمرحلة تاريخية مهمة في حياة الشعب اللبناني السياسية والأمنية، ويحاول تسليط الضوء فيه على الحياة بعد انتهاء الحرب الاهلية في لبنان والتي امتدت ما بين حزيران يونيو لعام 1975 وانتهت في تشرين الأول أكتوبر للعام 1990.
لم يدخل على الاحداث اية تعديلات سوى بعض الهوامش التي وجدها ضرورية لتوضيح زاوية او معنى معين او لتنقيح بعض الجوانب، فهو بذا شهادة حية، تنتقل ما بين العرض العياني والتوثيق الأمين والتحليل العائد الى تلك الفترة كليا، حسبما ذكر الكاتب، الذي كتب:
في تلك الفترة المقترنة بانتهاء الحرب الاهلية بصورة فعلية عام 1990 وحظر جميع الميليشيات تقريبا عام 1991 بدأ لبنان يتجه نحو مرحلة جديدة وإيجابية بتاريخه السياسي المعاصر، اذ اخذت تستعيد تدريجيا نمط الحياة الطبيعية، وبدت عازمة على فرض سلطتاه وتفعيل دور مؤسساتها بما فيها الجيش والقوانين التي انهارت خلال الحرب، مما خلق مناخا مواتيا لعودة حكم القانون واحترام الحقوق والحريات على أساس دستور 1943 الذي كفل استقلالية القضاء وحق تكوين الجمعيات والانضمام اليها وحريات التعبير وتوفير الضمانات المطلوبة لاحترام حقوق الانسان وسمح للبنان ان يشارك في 1948 بصياغة واعتماد الإعلان العالمي لحقوق الانسان من خلال مندوبه في الأمم المتحدة شارل مالك.
الكتاب كأنه مرآة سحرية نستطيع من خلالها ان نعيش الوضع اللبناني بالكامل في مرحلة استعادة الحياة، واستعادة الوضع الطبيعي الذي يتيح التنقل بين مناطقه وأيضا يسمح بزيارتها، وصف الكاتب حال المسافرين عند هبوط اول طائرة عام 1991 على مدرج مطار بيروت الدولي وشعور الوافدين بالطائرة من اللبنانيين وغير اللبنانيين في اثناء هبوط الطائرة. كذلك الصورة العامة للشوارع والابنية التي نخرت بفعل القذائف والرصاص، وقد نستطيع نحن في العراق تخيل المشهد لأننا مررنا بتلك الفوضى من الحرب المجنونة بين الاخوة، لكن الحمد لله لم تستمر أكثر من عامين.
دوّن الكاتب فصلا عن اتفاقية الطائف والتي يطلق عليها اللبنانيون تسمية الجمهورية الثانية، ودخل بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة من خلفيات اتفاقية الطائف وجوهرها، ثم الإصلاحات السياسية التي بدأت بتوزيع السلطة مناصفة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والتعديلات التي أجريت على الدستور. ثم تعزيز مكانة مجلس النواب وتوسيعه، وتقليص الطائفية السياسية، وقد نصت على ان الإصلاحات السياسية التي اقرتها الاتفاقية هدف وطني يقتضي العمل على تحقيقه وفقا لخطة مرحلية وعلى مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين المسيحيين اتخاذ الإجراءات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف. لكن هل تحقق الهدف فعلا؟ وما هو الهدف الحقيقي وراءها؟
عانى لبنان من المحاصصة الطائفية مثلما نعاني اليوم، وبالفعل فان الطائفية السياسية بقيت بموجب هذه الوثيقة لأنها كرست الاعتراف بالطوائف الدينية كركيزة أساسية للتنظيم السياسي في لبنان. وظل الاحتكام الى العامل الطائفي قائما فيما يتعلق بالوظائف العليا.
تعرض الكتاب وبنحو مفصل الى التشكيلات الحكومية والوزارية والقوى العسكرية التي لها نفوذ واسع ومؤثر في البلد، وذكر منها القوات اللبنانية وجيش لبنان الجنوبي وحزب الله وحزب الوعد وغيرها من الميليشيات. واختتم بالإشارة الى الدور الأساس التي لعبته إسرائيل في ازمة لبنان في اثناء احتلاله لعدة مناطق من البلد.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة