الحياة تشق طريقها في بعشيقة وسط مطالبات بإنقاذ آلاف أشجار الزيتون

عودة النازحين تكشف حجم سرقات “داعش” الوضيعة
نينوى ـ خدر خلات:

على غير العادة، لم يكن ذلك البساط الاخضر القاني في استقبالنا لدى الاقتراب من تخوم بلدتي بعشيقة وبحزاني، حيث كانت اشجار الزيتون تبهر من بعيد أي زائر لهاتين البلدتين وتغطي المشهد باخضرارها الفاتن وهو يطوق خصر هذه المنطقة من الجهات الشرقية والجنوبية والغربية، بينما الجبال تكمل الحلقة من الجهة الشمالية.
وبعد مضي تسعة اشهر على تحرير مركز ناحية بعشيقة وتوأمها بلدة بحزاني على يد قوات البيشمركة، بدأت الحياة تشق طريقها، فيما يشكل مشهد رؤية عدد من عجلات الشحن المتوسطة الحجم وهي تنقل ممتلكات العائلات العائدة، حالة شبه يومية، برغم الحر القائظ حاليا.
اكثر من 600 عائلة عادت لمركز بعشيقة وبلدة بحزاني المتاخمة، وعشرات المحال التجارية عادت وفتحت ابوابها، كان في طليعتها محال تقديم الخدمات الضرورية مع الاخذ بالاعتبار الاحتياجات الخاصة لمن يروم العودة وتنظيف منزله واكمال النواقص.
هنالك اعلانات على شتى الجدران يقول اصحابها انهم مستعدون لازالة الانقاض، والترميمات بالجص والاسمنت، وتصليح زجاج النوافذ، بيع شتى العدد اليدوية مع الاحتياجات الكهربائية وخاصة الاسلاك الكهربائية ومعدات شبكات المياه الداخلية للمنازل من حنفيات وغيرها.
في عز الظهيرة، تجد البلدة مزدحمة بالعمال والفنيين واصحاب المنازل، وهنالك اكوام من النفايات والانقاض تتجمع مجددا، برغم عمل فرق البلدية في ازالة الانقاض، لكن يبدو ان هنالك اعمال اكبر من طاقة فرق البلدية، حيث الاهالي العائدون يرمون ما يرونه لم يعد ضروريا، من انقاض ومنامات واطقم غرف الاستقبال واجهزة كهربائية تالفة وملابس واشياء اخرى لا تخطر على البال.
بعض الاهالي يشكون من حجم السرقات التي مارسها افراد تنظيم داعش الارهابي، ويصفون بعضها بالسرقات الوضيعة والتي تؤكد ان التنظيم وعناصره كان ابرز اهدافهم هو الاستيلاء على ممتلكات الاخرين ونهبها.
يقول المواطن عبدالله حسن وهو يتفقد بيته ويبدأ اعمال الترميمات البسيطة من تنظيف زجاج النوافذ المكسورة تمهيدا لنصب الواح جديدة، في حديثه الى “الصباح الجديد” ان “عناصر داعش سرقوا كل الاجهزة الكهربائية الجيدة، مثلا سرقوا البلازمات، والثلاجات الكهربائية الحديثة ومعها المجمدات وثلاجات تصفية مياه الشرب والغسالات واجهزة التكييف والطباخات، كما سرقوا المدافئ النفطية والكهربائية الحديثة وتركوا القديمة”.
واضاف “سرقوا اطقم غرف الاستقبال، والمنامات من لحاف وبطانيات، بل انهم حتى سرقوا الملابس الشخصية الجديدة من (قاطات واربطة عنق) وايضا ملابس الاطفال وملابس نسائية، والغريب ان بعضهم سرق حتى اواني الطبخ الثمينة، والكراسي البلاستيكية، كما انهم لم يتورعوا عن سرقة الكابلات الكهربائية الرئيسة لانها من مادة النحاس”.
“استغرب كم من الجهد الذي بذلوه في سرقة عشرات الالوف من المنازل والمؤسسات الحكومية والاهلية في عموم سهل نينوى” يقول المواطن عبدالله وهو يرد على مكالمة من هاتفه النقال للاتصال بفني سيقوم باعادة ربط خزانات المياه الجديدة فوق سطح منزله. وتابع بالقول “في بعض منازل اقربائي رأينا عبث الدواعش بالممتلكات الشخصية وتمزيقهم للصور الكبيرة لافراد المنزل مثلا للاباء او الامهات المعلقة بالجدران، كما حطموا اية رموز دينية او لوحات فنية وقعت ايديهم عليها”.
ومضى بالقول “نحن عدنا لمنازلنا ومعنا ربما اكثر من الف عائلة خلال الاشهر القليلة الماضية، سنعيد البناء ونكمل الترميمات وسنشتري ما هو ضروري لنا من اجهزة كهربائية ومنزلية، لكن هنالك الالاف من اشجار الزيتون التي يقتلها العطش منذ 3 سنوات، وليس هنالك من ينقذها سوى مبادرات خجولة من بعض اصحابها”.
يرمق عبدالله بقايا بساتين الزيتون التي بعضها تحول الى اشجار ميتة لكنها واقفة، والبعض الاخر اصر على الاستمرار بالحياة من خلال براعم خضراء هنا او هناك وقال “اعتقد ان 80% من هذه الاشجار سينتهي بها المطاف كحطب ما لم يتم انقاذها، بطريقة او باخرى، وبالتالي ستخسر بعشيقة احد القابها التاريخية (مدينة الزيتون)”.
وكانت ناحية بعشيقة تضم نحو 350 الف شجرة زيتون مثمرة في عام 2014، فضلا عن عشرات الالوف من الشتلات غير المثمرة، وقضى اغلبها عطشا او حرقا بعد اجتياح المنطقة من قبل تنظيم داعش في السادس من آب 2014.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة