افرز النظام الانتخابي في العراق مجموعة من المعادلات السياسية اتسق بعضها مع ارادات ورغبات احزاب وكتل سياسية وخالف الاخر رغبات وارادات احزاب اخرى وتصاعدت المطالبات باجراء تعديل دستوري يشمل النظام الانتخابي برمته من اجل تصحيح الكثير من هذه المعادلات التي تسبب بعضها بالحاق الحيف والاذى باهداف كيانات وكتل متطلعة للوصول الى مسارات سليمة تؤمن تحقيق التعددية الحقيقية من دون الانحدار الى عوالم المصالح والمنافع وتحد من استئثار مجموعة معينة من الاحزاب بمقاليد السلطة وانهاء ادعاءاتها بوجود شرعية دستورية لتشبثها بالسلطة والابقاء على نهجها في ادارة المؤسسات.
وعلى الرغم من مرور عدة دورات انتخابية الا ان الدعوات لتعديل الدستور ماتزال مجرد دعوات ولم تفلح حركات الاحتجاج والتظاهرات السلمية والوقفات الاعتصامية في اجبار السلطة التشريعية او التنفيذية للبدء بهذا المشروع الذي يتطلب اقرارا برلمانيا اولا باجراء الاستفتاء على التعديل ومن ثم تنفيذا لاليات عملية ديمقراطية جديدة يتم بمقتضاها مراجعة بنود القوانين التي تحتاج الى الالغاء او التعديل او الاضافة واستغلت الكثير من الاحزاب العراقية التي نالت اعلى الاصوات في الدورات الانتخابية السابقة هذا التلكؤ والتعثر في اعادة النظر ببنود الدستور وعمقت من مظاهر تمسكها بالمناصب يدعمها وجود شرعية القانون الانتخابي المشوه الذي مكنها من تسلم عناوين السلطة في الدولة العراقية.
وفي الانتخابات الاخيرة حاول عدد من الزعماء السياسيين اعادة توجيه بوصلة العملية السياسية بما يصحح الكثير من التقاليد التي انتجت لنا نظام المحاصصة من خلال تشكيل كتل سياسية عابرة للطائفية والتحالف مع احزاب اخرى والتعاهد معها على نبذ الطائفية في توزيع المناصب وقد افلحت الى حد ما توجهات السيد مقتدى الصدر عبر تشكيل كتلة سائرون في احداث خلخلة في نتائج التحالفات التي اعقبت العملية الانتخابية وجرى تشكيل تحالف عريض انضم اليه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي والسيد عمار الحكيم وكتل سنية اخرى وكان يمكن لهذا التحالف ان يمضي في التأسيس لتقاليد جديدة في العمل السياسي من دون انتظار تعديل الدستور الا ان نكوص احزاب اخرى ووقوفها ككتل معارضة لتوجهات سائرون وحلفائها اعاد من جديد الحديث عن الشرعية الدستورية ومكن دعاة المحاصصة من تكرار دعواتهم للالتزام بالشرعية الانتخابية وقد تناسى هؤلاء ان شرعية الشعب ورضاه هي الشرعية الاعظم والاسمى التي يجب الوقوف خلفها حتى وان تأجل تنفيذ المطالبات بتعديل الدستور سنوات اخرى .
د. علي شمخي
الشرعية الأصدق !
التعليقات مغلقة