برغم ارتفاع درجات الحرارة الى مستويات تجازوت المعدلات الطبيعية واقترابها من درجة الغليان.. ظل المواطن “العراقي” يُقبل على شرب الشاي الحار أبو الهيل، بينما المواطن “المصري” يُقبل على شرب “الأزوزة” وهذا ما اكدته المطربة ليلى نظمي في اغنيتها الخالدة “مشربش الشاي اشرب ازوزة ..انا !
وبحسب توقعات الخبراء والمعنيين بشؤون الأسرة والحياة والطاقة.. لم يطرأ أي تغيير أو مفاجآت هذا العام على جدول دوري الكهرباء والحرارة و”أبو المولدة” !
فمع تصاعد سخونة الجو.. تناقصت ساعات تجهيز “الوطنية” الى مستويات متدنية.. بل انعدمت في مناطق عدة بحيث خرج المواطن منها “صفر اليدين” .. في حين ظلت أولويات الخدمات الأخرى المقدمة للمواطنين “صفراً” على الشمال !
هذه “الحرارة” المرتفعة كانت كافية لصهر المخ و”المخيخ” فضلاً عن رائحة “الشواء” التي باتت تنبعث من أجسامنا وعقولنا المنهكة والمتعبة!
تَخيّل نفسك .. وأنت تعيش هذه الأجواء وبمجرد أن تضع رأسك على الوسادة الخالية متعباً منهك القوى في ظهيرة يوم قائض تتجاوز فيها درجة الحرارة الخمسين درجة مئوية… يقوم صاحب المولدة و”بدم بارد” بالضغط على زر الاطفاء ” ليقض مضجعك بهذا التصرف “غير المسؤول” ويقلق نومك، وعندما تذهب إليه مستفسراً ..عن قراره .. وهل أنه صدر بسبب عُطل فني أو لنفاد الكَاز أو “الكازكيت “أو غيرها من الأسباب التي حفظناها عن ظهر قلب، وعندما تبادره قائلاً: “خير.. ليش طفيت المولدة ؟”
يجيبك بكل برود :”مو استراحة بين الشوطين..!
ومع إجابته “الباردة” ترتفع درجة حرارة أعصابك لتقول له: “يا هذا… قابل هي لعبة الريال والبرشا.. حتى تمنح استراحة بين الشوطين.. أنت ليش متستمر بالتشغيل الى وقت إضافي وتتجاوز الاستراحة.. الى العصر مثلاً.. مو تشوفنا مسلوكَين . سلك من الحر !
يُجيبك ساخراً : حجي.. تكبر وتنسى..هي ساعتين.. ثلاثة استراحة وأبوك الله يرحمه .. !
أما إذا قادك حظك العاثر الى التورط والتواجد وسط زحام للسيارات.. واخترت وسيلة للهرب من الحر.. عسى أن تنقذك من عذابات غليان الشارع، والتخلص من معاناة باصات “الكيا” عندما تقرر استئجار سيارة “تاكسي” حديثة الصنع، أملاً في الوصول الى منزلك بسرعة وبإجواء باردة منعشة تخفف ولو قليلاً من حرارة الظهيرة ومن معاناة العطش، فما أن تتحرك سيارة الأجرة حتى يطول بك الانتظار.. ويبدأ العرق يتصبب منك شيئاً فشيئاً.. أملاً في تشغيل السائق جهاز التكيف.. وعندما تبادره قائلاً : الظاهر حضرتك مَتشعر بحرارة الجو.. ممكن تشغّل التبريد.. تره آني راح أخرب من الحر!
يلتفت إليك متذمراً وهو يلوك علكة “أبو السهم” ويقول: “انت من كل عقلك أشغّل تبريد بهذا الجو..لمعلوماتك آني أخاف على “محرك “سيارتي أكثر من روحي”!
ينفد صبرك وتقول له: هذه مو مشكلتي.. آني دفعتلك أجور حتى أرتاح من توصلني للبيت والمفروض تشغّل التبريد.. مو تعذبني !
في هذا الأثناء يحاول “السائق” أن يخفف من عصبيتك ويجاملك قائلاً: “والله ذكرتني بأغنية أنه اللي عذبني حبيبي…. يمعوّد أحنه الصعبات عبرناهه.. هو شويّه حر.. متتحمله.. لعد شلون راح نواجه الأعداء بالمعركة “!
ترد عليه وتقول له: “وشنو علاقة الأعداء بالتبريد..آني راكب بتكسي لو دبابة أو مدرعة”؟
يجيبك قائلاً: “أنت.. ما سامع المطرب اللي يكَول .. تعب حتى الحديد وماتعبتوا.. يمعوّد صير حديد وتحمّل ..هي شمرة عصى ونوصل” !
• ضوء
مهما ارتفعت درجات الحرارة .. فإنها لن تذيب جليد “الوطنية” !ء
عاصم جهاد