افسدت الطبقة السياسية المتمثلة باحزاب السلطة الحاكمة في العراق بعد 2003 احلام العراقيين وتطلعاتهم بولادة دولة جديدة يعم فيها الامن والرخاء وتختفي فيها مظاهر الخوف والتهميش والاقصاء وضيقت هذه الاحزاب بفسادها واستهتار بعض المنضوين تحت لوائها وجهلهم وتخلفهم ممن اوكلت لهم ادارة المؤسسات ضيقت بوابات الامل بامكانية التغيير والاصلاح واعادة اعمار ماتم تخربيه وتدميره على مدى اكثر من خمسة عشر عاما وتلاشت في النهاية صور المستقبل في افق العراق ولم تعر الحكومات السابقة ولا القادة ورموز السلطة الذين ابهروا العراقيين ايام المعارضة بخطبهم الرنانة وبوعودهم الوردية واحاديثهم وتصريحاتهم عن عراق المستقبل لم يعر هؤلاء أهمية لاصوات النخب الواعية والمثقفة ومناشدات الشرفاء والمخلصين وانين الملايين من الجائعين ومطالباتهم بالتوقف عن الممارسات السيئة والانتهاكات الخطيرة التي اطاحت بروح التغيير في العراق وجعلت من الديمقراطية ودستورها الجديد في العراق وقوانينها المسطرة باجمل العبارات وتأكيد مضامينها على الحرية والعدالة والتنمية والتسامح و… وغيرها من النصوص محل سخرية وتندر في كل يوم يمر به العراقي وهو يرى نفسه وجاره وصديقه في وضع لايحسد عليه من الفاقة والعوز ومن فقدان الرعاية الصحية ومن الفشل المريع في حفظ الامن وفي انهيار التربية والتعليم وفي تراجع الثقافة والرياضة وفي الاستثراء الفاحش لطبقات من الشعب على حساب طبقات اخرى بسطر واحد من قانون او قرار جرى تشريعه بدعم ومساندة من فاسد او متسلط وخلال هذا الزمن الطويل من عمر الدولة (الديمقراطية ) افتقر العراقيون الى بوصلة سياسية او قانونية او اجتماعية توحدهم وتشعرهم بانهم شعب واحد متساوون في الحقوق والواجبات او دولة تنصف المظلوم فيهم او تكرم المضحي بنفسه من اجل وطنه او شعبه وكانت المشكلة الاهم والاكبر التي ولدت مع هذا التغيير هو ان هذه الدولة الجديدة وضعت لها اذنان واحدة من طين والاخرى من عجين ولم تعد تسمع اصوات المعترضين والمظلومين والمهمشين وفي الوقت نفسه رفعت شعار الحرية لجموع الشعب العراقي فيما يقول وفيما يفعل حتى تميز نفسها عن نظام صدام حسين المتجبر الذي لم يكن يسمح بتلك الحرية وافتقد المسؤولون الفاسدون في هذه الدولة الحياء وهم يتلقون الشتائم ويوصمون باقذع الصفات حينما كانوا يواجهون كل ذلك باللامبالاة والاستهزاء وكان الظن من قبلهم ان هذا الشوط سيطول اكثر وان هذه المظاهر يمكن ان تتعايش معها منظومة فاسدة ومحتالة لزمن اطول من دون ان يحسب عاقل منهم لعواقب الامور ومن دون ان يراعي مؤمن واحد منهم لحرمات الناس التي اوصت بها السماء ونزلت بها كل الاديان على البشر ومن الغريب ان يظهر بعض من هؤلاء وهو يرى تظاهرات المظلومين والمحرومين في البصرة والمحافظات العراقية الاخرى ليطرح سؤالا ساذجا هو .. ماذا يحصل ؟؟ موزعا الاتهامات على الشرق والغرب من دون ان يسال نفسه لماذا يحصل هذا ؟؟.
د. علي شمخي
ماذا حصل.. ام لماذا يحصل هذا ؟
التعليقات مغلقة