نينوى ـ خدر خلات:
مرت الذكرى الأولى لتحرير الموصل من قبضة داعش الإرهابي مرور الكرام باستثناء احتفالات متواضعة بسبب سوء الخدمات في المناطق التي تعرضت لخراب أقل في أيسر المدينة وإهمال كبير للمناطق المدمرة في الجانب الأيمن، وسط محاولات سلمية للأهالي لإعادة الحياة بإمكانيات ذاتية.
في حين أن البعض الحكومي ما زال يقتصر على رفع الأنقاض ورفع جثث الدواعش وإيصال الماء والكهرباء بشكل تدريجي الى المناطق المنكوبة في أيمن المدينة.
وقال الناطق المدني والحقوقي الموصلي محمد حسين الحيالي في حديث الى (الصباح الجديد): «ان ذكرى تحرير الموصل تمثل انعطافة مهمة جدا في تاريخ المدينة، ولا يمكن لأي مخلص ان ينسى التضحيات الكبيرة لمختلف صنوف القوات الأمنية التي حررت المدينة من اخطر احتلال في العصر الحديث الا وهو الاحتلال الداعشي المقيت».
وأضاف: «لكن يبدو ان سوء الوضع الخدمي على شتى الأصعدة القى بضلاله على الاحتفال بهذه المناسبة العزيزة علينا فكانت هنالك احتفالية نظمتها قيادة عمليات نينوى واحتفالية شعبية أخرى قرب المنصة «حيث يقام مهرجان الربيع» مع فعاليات بسيطة هنا وهناك.
ولفت الحيالي الى «ان ما يشغل بال الموصليين، تقديم الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء للمناطق التي تعاني من الخراب حيث ان الكثير من العائلات باتوا يفضلون العودة لمنازلهم المتضررة جزئيا ولم يعد بمقدورهم تحمل تكاليف الإيجارات او العيش في مخيمات في ظل درجات الحرارة المرتفعة جدا وهؤلاء يعدون إيصال ماء الشرب والكهرباء اليهم انجازاً ما بعده انجاز».
وقال: «اما رفع الأنقاض من ايمن المدينة فهو مطلب جماعي وينبغي التخلص منه بأسرع وقت لان وجودها يثير السأم والإحباط في نفوس الموصليين وبرغم الجهود الكبيرة من قبل بلديات الموصل الا ان ملايين الاطنان من الأنقاض ما زالت تتنظر من يرفعها».
اما الإعلامي الموصلي احمد الملاح فقد كتب عن هذه المناسبة وقال: «يبدو ان الموصل تعيش اليوم احد افضل مراحل الاستقرار الأمني منذ عام 2003 لكن ذلك لم ينعكس على البعد الاقتصادي والسياسي في المدينة حيث ما زالت العشرات من المشكلات عالقة منذ عام من دون تقدم حقيقي فما زال موضوع إعادة الاعمار معرقلا ولا يوجد تحرك عليه سوى بعض الإنجازات البسيطة مثل ترميم ايسر القديمة على نهر دجلة وعمليات رفع الأنقاض وبناء عدد من المنازل والمحال التجارية بمبادرات أهلية من دون تدخل إقليمي او دولي».
وأضاف: «حجم الدمار في المدينة في قطاعات مختلفة هائل حيث يقدر مبلغ إعادة الاعمار بنحو 30 مليار دولار إضافة لعملية قذف الكرات بين الحكومة المحلية والحكومة المركزية حيث تضع الحكومة المحلية اللوم على الحكومة المركزية بعد اطلاق ميزانيات وتخصيصات لتحريك عجلة الاعمار وكذلك تلقي باللوم على الأجهزة الامنية والجهد الهندسي بعدم رفع مخلفات الحرب العسكرية بشكل كامل خاصة في المدينة القديمة».
ولفت الملاح الى ان فرقت تطوعية من شباب المدينة من الجانب الغربي في أسهمت في رفع الأنقاض من المدينة وتقديم الإغاثة وترميم المنازل وفتح المحال التجارية على وفق إمكانات بسيطة محلية تمنح رسالة للعالم ان هذه المدينة تريد الحياة ما استطاعت اليه سبيلا .
ولعل من مشكلات الموصل ما اشرنا اليه من رمي الكرات بين الأطراف، فالحكومة الاتحادية مثلا، ما زالت تلقي اللوم على الحكومة المحلية بعدم التعاون والقدرة على تقديم الكشوفات والملفات اللازمة للبدء بعملية الاعمار.
وبين هذا وذاك تقع العشرات من الملفات التي تجعل معاناة الموصلي مستمرة فملف رواتب الموظفين والمبالغ التي لدى الدولة العراقية معرقلة الامل الذي يعني فقدان الالاف من العائلات لمصادر ارزاقهم، فيما ما زالت الأنقاض تعرقل عودة الأهالي لمنازلهم في المدينة القديمة.
مبينا ان هناك عدد من الجثث تمت ازالتها مما يهدد سلامة العائلات العائدة للمناطق المدمرة وبرغم انكار الحكومة المحلية وجود جثث ظاهرة فان الناشط الموصلي فرحان سليمان نشر صورا لأطفال يلعبون باشلاء جثث متيبسة الامر الذي يشكل خطرا حقيقا على سلامتهم الصحية ويسلط الضوء على واقع المدينة القديمة بعد عام من نهاية الحرب.
ونوه الملاح الى ان سوء الخدمات الأساسية ما زالت تحتاج الى الكثير وبرغم عدم وجود إحصاءات دقيقة يمكن القول ان اغلب مناطق غرب الموصل تعاني من عدم وصول ماء الاسالة المعقمة وتستخدم مياه الابار الجوفية التي لا يمكن التأكد من سلامتها مما تشكل الكهرباء مشكلة مستمرة في الموصل نتيجة دمار محطات التوليد خلال المعارك، فيما يتصدر الواقع الصحي المأساة بسبب دمار المستشفيات الكبيرة وعدم الشروع بإعادة اعمارها الى الان في مدينة تعد الأرض الأكبر عراقيا بعد العاصمة بغداد.
مشيرا الى انه لا توجد أي بوادر لتعويض المتضررين الذين فقدوا منازلهم او محالهم التجارية وكذلك الامر مع ذوي الشهداء والمصابين الذي عرقل الكثير من إمكانيات تخفيف المعاناة وكذلك تحريك عجلة السوق.