مجلس الخليج العربي الجديد يعكس تغييراً في الاستراتيجية والقيادة

سايمون هندرسون

سيتبلور اسم مختصر جديد في الشرق الأوسط من المحتمل أن يحوّل السياسة الإقليمية. وفي حين لم يتم بعد إضفاء الطابع الرسمي عليه، إلّا أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قد أعلنتا في ٦ حزيران/ يونيو عن تشكيل مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
وهذه المنظمة هي وليدة أفكار وليي عهد السعودية والإمارات القويين الأمير محمد بن سلمان والأمير محمد بن زايد. وفي هذا الصدد، اقترح أحد الأشخاص، الذي يتمتع بسرعة البديهة وخفة دم، من على موقع «تويتر» تسمية المجلس مو-مو-كو-كو»Mo-Mo-Co-Co» ؛ ومن المؤكد أن هناك وقعاً مميزاً لهذا الاسم. ويبقى السؤال المطروح ماذا سيكون الاختصار الرسمي، وما الذي سيردده الناس.
وقد يكون المجلس الجديد بمنزلة المسمار الأخير في نعش «مجلس التعاون الخليجي» الذي تأسس في عام ١٩٨١ كآلية لحماية الدول العربية المحافظة في الخليج العربي من التورط في «حرب الخليج الأولى» بين العراق وإيران، والتي نشبت في العام الذي سبق التأسيس واستمرت حتى عام ١٩٨٨.
وعموماً، أدار «مجلس التعاون الخليجي» أموره على الرغم من أنه غالباً ما كان يبدو خارجاً عن نطاق السيطرة. ونجحت السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وسلطنة عُمان في تجنب التحوّل إلى جزء من الثورة الإسلامية في إيران. وقامت المجموعة بتغطية تحرير الكويت بعد أن غزا الرئيس العراقي صدام حسين هذه المشيخة الغنية بالنفط عام ١٩٩٠.
بيد، أصبحت دول «مجلس التعاون الخليجي» تعاني من ضغوط شديدة بسبب الخلاف الخليجي المستمر منذ عام بين قطر والدول المجاورة، أي السعودية والإمارات والبحرين- وجميعها دول حليفة للولايات المتحدة- إلى جانب مصر غير الخليجية. فهل أصبح هذا الانقسام، الذي بقيت فيه الكويت وسلطنة عمان على الحياد، دائمياً؟ وماذا سيمثّل زوال «مجلس التعاون الخليجي» بالنسبة إلى إيران التي هي قلق واشنطن الرئيسي في المنطقة، من حيث برنامج طهران النووي وبرنامجها الصاروخي وتدخلها في سوريا ولبنان واليمن والعراق؟
وكحكم مبدئي، يبدو أن مجلس التنسيق الجديد يعكس الصداقة المقربة بين الأميرين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد التي تطورت منذ أن تم مبايعة والد الأمير محمد بن سلمان ملكاً للسعودية في كانون الثاني/يناير ٢٠١٥. لكن يبدو أن العاهل السعودي يعتمد وجهة نظر عربية أكثر قومية لدور المملكة الإقليمي وقيادتها للعالم الإسلامي. (والجدير بالذكر أن الشقيق الأكبر للأمير محمد بن زايد، خليفة بن زايد، هو الرئيس الرسمي لدولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم أغنى إمارة، لكنه في حالة صحيّة سيئة ونادراً ما يظهر في العلن).
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة «عرب نيوز» السعودية التي تصدر باللغة الإنجليزية والمملوكة فعلياً لعائلة الملك سلمان أنّ: «المجلس يهدف إلى تعزيز المكانة السعودية -الإماراتية على الصعيد العالمي في عدد من المجالات، من بينها الاقتصاد والشؤون السياسية والتنمية البشرية والأمن، بالإضافة إلى ضمان رفاه المواطنين وسعادتهم». كما ذكرت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية أن رؤية الأميرين تُعرف باسم «استراتيجية العزم»، وتعطي مهلةً أمدها خمسة أعوام لتنفيذ برنامج يضم ما لا يقل عن ٤٤ مجال تعاون، من بينها تصنيع الأسلحة والتنسيق العسكري.
وكان من المفترض أن تجذب هذه الإشارة الأخيرة انتباه القطريين و»البنتاغون»، الذين ما زالوا يخشون هجوماً عسكرياً سعودياً و/أو إماراتياً مباشراً ضد قطر، حيث سَيَمر الطريق البري المباشر لغزو ناقلات الجنود المدرعة بالقرب من قاعدة «العديد» الجوية التي تستضيف وحدة مشاة «الجناح الجوي التابع للقوات الجوية الأميركية» و١٠ آلاف فرد من المجندين الأميركيين المنتمين إلى هذا الجناح. وعندما اندلع الصدع قبل عام، أطلقت القوات الأميركية طائرة من دون طيار لمراقبة الحدود، وكانت المخاوف كبيرة للغاية.
وهناك أيضاً جوانب تاريخية للخلاف – الذي يمكن اختصاره في ١٣ مطلباً، من بينها وقف البث التحريضي، والدعم المزعوم للإرهاب والروابط مع إيران. كما أنّ أي تعاطف مع موقف قطر تعوقه أهداف خاصة مذهلة مثل دعوة الأمير تميم لداعية ذائع الصيت إلى تناول وجبة إفطار الأسبوع الماضي وتصريحات الرئيس التنفيذي لشركة «الخطوط الجوية القطرية» التي اتسمت بالتمييز بين الرجل والمرأة.
وعندما قام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بزيارة الرياض في نيسان/أبريل، استخدم مراسل صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي كان على متن طائرته عبارة «طفح الكيل» لوصف وجهة النظر الأميركية فيما يتعلق بالخلاف القطري. إلا أن مصادر متعددة أخبرت كاتب هذه السطور بأنه لم يتم ذكر قطر إطلاقاً حتى في عشاء العمل الذي عقده لاحقاً بومبيو مع الأمير محمد بن سلمان. ومن المفترض أن موضوع النقاش دار حول إيران.
وفي حين هناك اتصالات وثيقة بين الولايات المتحدة والأمير محمد بن سلمان، إلّا أنه ما يزال يتعين على الأمير محمد بن زايد إيجاد الوقت لقبول دعوة الرئيس ترامب لزيارة واشنطن هذا العام، على الرغم من أنه تعمّد الالتقاء في الشهر الماضي مع الرئيس بوتين في موسكو. ويُذكر أن الأمير محمد بن سلمان زار البيت الأبيض في آذار/مارس، بينما قام الأمير تميم بزيارته في نيسان/أبريل.
وفي حين من الصعب التكهن بالأحداث المستقبلية، إلّا أنه بإمكان المرء أن يكون على يقين إلى حد كبير في الوقت الحالي بأن شيئاً واحداً في الأقل لن يحدث، وهو اللقاء المؤجل والمزمع إجراؤه، وفقاً للجدول الحالي، في أيلول/سبتمبر لزعماء دول الخليج مع الرئيس ترامب ضمن قمة دول «مجلس التعاون الخليجي» في كامب ديفيد. ويحدو الأمل في أن تُسفر هذه القمة إلى حل الخلاف الخليجي أو في الأقل تحوّله إلى مشكلة يسهل التعامل معها.

* سايمون هندرسون : زميل «بيكر» ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة