متابعة الصباح الجديد:
تضاربت تقارير صحفية غربية في مواقفها من قرار الرئيس الاميركي باراك اوباما بقصف مناطق محددة في شمال العراق لتوفير الحماية لبعض الاقليات التي تسكن في هذه المناطق .
وتحت عنوان «الولايات المتحدة تهب لإنقاذ أقليات محددة، ولكن ليس المسلمين»، نطالع مقالا في صحيفة الاندبندنت، للكاتب روبرت فيسك ينتقد فيه «النفاق» الأميركي.
ويقول فيسك إن اوباما لم يحرك ساكنا عندما كان تنظيم الدولة الإسلامية، بقيادة أبو بكر البغدادي، يرتكب مجازر بحق الشيعة في العراق، لكنه يهرع لإنقاذ المسيحيين والايزيديين من «إبادة جماعية محتملة».
ويرى فيسك أن هذا «النفاق» مثير للدهشة لأسباب ليس أقلها أن الرئيس الأميركي مازال يخشى استخدام مصطلح الإبادة الجماعية لوصف المذابح التي ارتكبها الأتراك في عام 1915 ضد المسيحيين الأرمن وقتل فيها 1.5 مليون.
كما يشير الكاتب إلى أن اوباما لم يذكر شيئا عن حليفته، السعودية، التي كان سلفيوها «مصدرا للإلهام وجمع الأموال» للمسلحين المتشددين في العراق وسوريا، كما كان الحال في أفغانستان.
ويمضي فيسك إلى القول إن «الجدار بين السعوديين والوحوش التي خلقوها – وتقصفها الولايات المتحدة حاليا – ينبغي أن يظل عاليا وغير مرئي.»
ويختتم الكاتب مقاله متساءلا «هل كان الأميركيون سيفعلون الشيء ذاته إذا كان اللاجئون التعساء في شمال العراق فلسطينيين؟ أو هل ستوفر حملة اوباما الأخيرة للقصف ببساطة تشتيتا مرحبا به عن حقول القتل في غزة؟».
وفي صحيفة فايننشال تايمز، نطالع افتتاحية تؤيد قرار اوباما باعتباره «صائبا لكنه محفوف بالمخاطر».
وتحذر الصحيفة من وجود «تهديد حقيقي» بوقوع «كارثة إنسانية مصحوبة بكارثة استراتيجية» مع احتمال قيام دولة «جهادستان جديدة» في قلب الشرق الأوسط مطلّة على البحر المتوسط.
كما ذهبت الصحيفة إلى أن «الأقليات في شمالي العراق تواجه خطر الاختفاء. والعراق نفسه سيختفي إذا لم يتم وقف الجهاديين.»
وترى فايننشال تايمز أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على وضع حد لتقدم تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن هذا ينطوي على ثلاثة جوانب (إنسانية واستراتيجية وسياسية) بحاجة إلى التعامل معها بحذر.
وبحسب الصحيفة، يتعلق الجانب الإنساني بما تواجهه الأقليات من «إبادة جماعية محتملة».
أما الجانب الاستراتيجي فيتعلق بدفع تنظيم الدولة الإسلامية إلى التراجع من خلال الضربات الجوية، وتزويد قوات البيشمركة الكردية بأسلحة ثقيلة.
وبالنسبة للجانب السياسي، تقول الصحيفة إن الولايات المتحدة امتنعت حتى الآن عن التدخل «لدفع الساسة العراقيين إلى نبذ (رئيس الحكومة) نوري المالكي.. واستبداله بحكومة شاملة.»
وتشير الصحيفة إلى نوري المالكي قائلة إنه «رئيس الوزراء الذي أدت سياساته الطائفية إلى نفور الأكراد ودفعت بالعشائر السنية إلى أحضان الجهاديين.»
دون هذا، سيبدو أن الولايات المتحدة وحلفائها يتخذون صف إيران وحلفاءها الشيعة ضد الأقلية السنية التي أخرجها الأميركيون من السلطة في العراق، وكذلك الأغلبية السنية في سوريا الذين استولى تنظيم «الدولة الإسلامية» على انتفاضتهم، بحسب فايننشال تايمز.
تحت هذا العنوان، جاءت افتتاحية صحيفة التايمز التي اعتبرت فيها أن اوباما «كان بطيئا جدا في استخدام القوة الأميركية»، داعية الرئيس الأميركي إلى التحرك «لمنع انزلاق العالم إلى الاضطراب والفوضى».
وترى الصحيفة أن تنظيم «الدولة الإسلامية» بمثابة «منتج للتراخي الغربي».
وتوضح التايمز هذا بالقول إن واشنطن أخفقت في التوصل لاتفاق مع حكومة العراق للإبقاء على قوات هناك بعد الانسحاب الأميركي. ولهذا السبب عجزت واشنطن عن خلق مناخ سياسي بوسعه أن يمنع جماعة متطرفة مثل «الدولة الإسلامية» من السيطرة على مساحات شاسعة من العراق.
بالإضافة إلى هذا، أدت أخطاء الغرب إلى انتشار نفوذ تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا. فقد كان من شأن دعم «الجيش السوري الحر» بالأسلحة والتدريب في مرحلة مبكرة من الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد أن يحول دون تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية»، بحسب التايمز.
وذهبت الصحيفة إلى أن إخفاق الولايات المتحدة في استعراض القوة خارج حدودها أصبح عاملا محفزا على انتشار الحروب في الشرق الأوسط وما وراءه، وأن سياسة اوباما بتجنب الحرب شجعت الأنظمة الديكتاتورية والمتطرفين.
وحذرت التايمز من أن «عدم اكتراث الغرب ووقوفه مشلولا أمام تعقيدات الشرق الأوسط سيؤدي إلى إبادة جماعية في الجبال الكردية وغيرها من المناطق».