اغتراب داخلي !

يبحث الكثير من السياسيين ممن يتصدون للمهام والمسؤوليات عن لغة مشتركة تقربهم من ابناء شعبهم يستطيعون من خلالها ادامة التواصل والتفاعل معهم ويعاني بعضهم من انقطاع السبل للوصول الى قلوب الناس وكسب تأييدهم وتعاطفهم ولطالما كانت ظاهرة (التأثر والتأثير) مفصلا مهما من مفاصل تجليات الوعي لدى المواطن في اي مجتمع فكلما زاد التفاعل بين السياسي ( المرسل )و المواطن (المتلقي) تعمق التأثر والتأثير بينهما ..ويحفل المشهد العراقي منذ 2003 بصور متباينة لعلاقة السياسي مع المواطن فثمة من استطاع النجاح بالتاثير في جمهوره وتركت خطاباته اثرا ساحرا في القلوب وثمة من كانت مبادراته وافعاله والمشاريع التي قدمها تشهد له بالنزاهة والصدق من دون ان يتحدث بها الى الراي العام فيما يعاني اخرون من اغتراب داخلي لم يستطيعوا الخروج منه وهؤلاء فقدوا القدرة على فهم مايريده جمهورهم بالتحديد او أخطأوا السير في مسالك جمهورهم واتخذوا سبيلا اخر يتمثل بالانصات الى وسطاء لمعرفة حاجات الناس او اهتماماتهم وفضلوا البقاء في بروجهم العاجية داخل اسوار الخضراء واكتفوا بسعاة البريد الذين يتنقلون ذهابا وايابا بينهم وبين مواطنيهم لقضاء حاجاتهم ..وماعاد مثل هؤلاء يعرفون تماما ما يجري في الازقة والساحات والشوارع ومايعتمر في القلوب والنفوس ومايتداوله الشارع من احاديث الساعة .. ونسيت مثل هذه الطبقة السياسية النرجسية ان الناس تبحث عمن يشاركها الماء والغذاء والهواء وتبحث عمن يشاركها الهموم والافراح والاتراح ..لذا يكتشف ممثلون مثل هذه الطبقة السياسية في اول اختبار حقيقي وفي اول لقاء مع اهلهم وابناء شعبهم وجلدتهم بانهم غرباء وقاصرون عن التفاعل مع مايطرحه الجمهور عليهم من افكار ولايقوون على مواجهة الانتقادات او الاعتراف بتقصيرهم وفشلهم في تحقيق جزء من متطلبات وحاجات شعبهم وهنا تكون المواجهة حامية ومنفعلة ومتصادمة تزيد من اغتراب السياسي وتزيد من القطيعة مع المواطن ويدرك حينها الكثيرون بان الغربة بين الاهل والوطن اشد وطاة واقسى من الاغتراب في بلاد المهجر ..وان الابتعاد عن الناس وعدم الانصات الى همومهم هو افتراق معهم يدفع ثمنه السياسي اجلا ام عاجلا وتبدو مظاهره في السخط وفي الانتقاد بصوت عال مع اول مواجهة في الساحات والميادين العامة وان الاقتراب مع الاخرين يعني كسب المودة واستجلاب التأييد والنجاح في اي محفل عام او خاص.
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة