طارق حرب:
شهدت دار الشفاء في الكرخ أول فلم سينمائي سنة ١٩٠٩ وقيام البغدادي اليهودي بلوكي بإقامة سينما في بستان الواوية في المنطقة بين السنك وباب الشيخ وعرضه فانه ترتب على اتساع العروض في بغداد ودورها جرت عدة محاولات لإنتاج فلم سينمائي في بغداد كانت اولها سنة ١٩٣٠ اذ سافر التاجر المعروف حافظ القاضي الى إنجلترا لجلب اجهزة ولوازم سينمائية كي يتم انتاج فلم، الا انه لم يوفق في مسعاه لكن في بداية الاربعينيات شرع بعض البغداديين بتكوين الشركات السينمائية.
وان كانت شركة فوكس لإنتاج الافلام العالمية كلفت الفنان حقي الشبلي لإنتاج فلم روائي وثائقي يقوم ببطولته وروايته عن الاثار العراقية ومعالم بغداد والمدن العراقية وكان ذلك سنة ١٩٣٤.
وفي سنة ١٩٤٢ تم تأسيس اول شركة سينمائية في بغداد لإنتاج الافلام السينمائية وهي شركة افلام بغداد المحدودة من مؤسسي هذه الشركة ناصر نعيم تاجر وصناعي اذ كان صاحب معمل والتاجر مهدي البصام وصاحب الاملاك حسن حسني برأسمال متواضع.
وكان سعر السهم الواحد دينار واحد لكن هذه الشركة فشلت في انتاج اي فلم وفي سنة ١٩٤٦، تم تأسيس شركة عراقية مصرية لإنتاج الافلام السينمائية باسم شركة افلام الرشيد انتجت فلم ابن الشرق الذي اخرجه المخرج المصري المعروف نيازي مصطفى ومثل فيه من مصر مديحة يسري ونورهان وبشارة واكيم ومن العراق المطرب الريفي حضيري ابو عزيز وعزيز علي وعادل عبد الوهاب وكذلك ممثلين من السودان .
وقد تم عرض الفلم في العيد وفي سينما غازي ونجح نجاحاً كبيراً ،وكان هذا النجاح وراء تأسيس شركة اصحاب سينما الحمراء العراقية ،وكان صاحب سينما الحمراء اسماعيل شريف حيث قامت هذه الشركة بالتعاون مع اتحاد الفنانين المصريين من انتاج فلم القاهرة / بغداد الذي كتب قصته حقي الشبلي ويوسف جوهر، ومثله من العراق عميد المسرح العراقي حقي الشبلي ،وابراهيم جلال ،وعفيفة اسكندر وفخري الزبيدي ،وسلمان الجوهر وعدد من طلبة الفنون الجميلة والفنانة المصرية مديحة يسري وقام بإخراجه المصري احمد بدر خان وعرض الفلم في سينما الحمراء سنة ١٩٤٧ . ونجح هذا الفلم كسابقه وقام عدد من المستثمرين البغداديين بأنشاء اول ستوديو سينمائي في بغداد باسم (استوديو) وكان مكانه على الشارع العام الذي يخرج من الكرادة ويتوجه الى معسكر الرشيد والزعفرانية وقبل الوصول الى المعسكر.
وكان اول فلم انتجوه في بغداد هو فلم «عليا وعصام « الذي كتب قصته المحامي والاديب البغدادي اليهودي انور شاؤول والمستوحى من قصة روميو وجولييت ولكن بأسلوب بدوي واشترك في التمثيل ابراهيم جلال ،وعزيمة توفيق وجعفر السعدي ،وفوزي محسن الامين ،ويحي فائق وعبد الله العزاوي ،وسليمة مراد واخرجه المخرج الفرنسي اندريه شوتان ،وساعده يحيى فائق وقام بتصويره وعمل الانارة فيه الفرنسي جاك لامار ،وعرض الفلم في سينما روكسي سنة ١٩٤٩ ، وحقق الفلم نجاحاً هائلاً بسبب موضوعة وتناوله حياة البادية وتقنيته المتقدمة ،ولكن التجربة الثانية لهذه الشركة ولهذا الاستوديو فلم «ليلى في العراق « كان نصيبها الفشل فقد فشل فلم ليلى في العراق فشلاً ذريعا على الرغم من بطولة اللبنانيين محمد سلمان ونورهان ، ومن بغداد عفيفة إسكندر، وابراهيم جلال ،وجعفر السعدي وعبد الله العزاوي ، واخرجه المصري احمد كامل مرسي وعرض في سينما روكسي سنة ١٩٤٩ ، الامر الذي ترتب عليه انتهاء الشركة وسحب المسهمون اموالهم .
وفي سنة ١٩٥٣ استطاع ياس علي الناصر تأسيس شركة دنيا الفن على قدرات عراقية خالصة بإنتاج اول فلم بغدادي عراقي صميم هو فلم فتنة وحسن عن قصة وسيناريو واخراج حيدر العمر وادى النجاح الى تشجيع هواة السينما واصحاب رؤوس الاموال على تأسيس شركات سينمائية والشروع بإنتاج الافلام فتم انتاج فلم من المسؤول سنة ١٩٥٧ ، وهو من انتاج شركة سومر للسينما مثل فيه خليل شرقي وسامي عبد الحميد ، ورضا الشاطئ عن قصة ادمون صبري وصوره الهندي دفيجا ومثلته ناهدة الرماح وهو اول فلم تناول الواقع العراقي ، وبعد ذلك تم انتاج فلم سعيد افندي سنة ١٩٥٨ ، الذي يعد علامة بارزة في الافلام البغدادية حيث مثل فيه يوسف العاني وزينب واخرجه كامران حسني الذي تكلم عن الحياة الاجتماعية في المحال والحارات البغدادية والعلاقات الاجتماعية وانتقاد لبعض الحالات في المجتمع البغدادي وبعد انقلاب ١٩٥٨ دخلت الدولة في هذا المضمار .