برغم مخاوف سابقة من سياساته المستقبلية
ترجمة: سناء علي
في تقرير نشر على صفحات البوست الاميركية اشار فيه الكاتب « اليان بولتو « الى ان « تغير موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من نظيره السوري بشار الأسد، ليهاجمه عسكريًا بقصف مطار الشعيرات، وهو تغير غيّر أيضًا من موقف قطاع من السوريين الذين احتفوا بتحرك واشنطن غير المسبوق منذ بدء الثورة السورية في 2011، عادين «ترامب بطلًا قوميًا» لهم.
واضاف « مع وصول ترامب إلى حكم اميركا شعر كثير من السوريين المقيمين واللاجئين بالتخوف من إدارته للحكم، فالرجل اليميني يحمل اتجاهات واضحة في معاداة المسلمين اللاجئين وبالأخص السوريين منهم رافضًا سياسات سلفه باراك أوباما في استقبال اللاجئين السوريين.وترجم ترامب اتجاهاته سريعًا على أرض الواقع، باتخاذه قرارًا بحظر استقبال اميركا للمسافرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، على رأسهم سوريا، وحول الصراع السوري، فقد حدد ترامب أيضًا رأس أولوياته بمحاربة «تنظيم الدولة في العراق والشام» (داعش) وليس المطالبة برحيل الأسد، وعبّر عن ذلك بوضوح البيت الأبيض عندما قال، شون سبيسر المتحدث باسمه ،في نهاية مارس (آذار) الماضي: «فيما يتعلق بالأسد، هناك واقع سياسي علينا أن نقبله فيما يخص موقفنا الآن».وأكدت نيكي هيلي السفيرة الاميركية بالأمم المتحدة على هذا الاتجاه أيضًا، عندما قالت إن أولوية اميركا «لم تعد إزاحة الأسد» بالرغم من اعتقادها أنه يشكل عائقًا: «هل سنجلس ونركز على إزاحته؟ لا»، وكان ترامب نفسه قد حذر أوباما مرارًا وتكرارًا من عدم مواجهة الأسد عسكريًا.»
وبين بولتو ان « الموقف الاميركي تحول بنحو دراماتيكي، عندما قصف النظام السوري بلدة خان شيخون في إدلب بالغاز الكيماوي، في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، مما أدى لمقتل 87 شخصًا بينهم 31 طفلًا، وإصابة المئات.
على إثر الهجوم، قال ترامب في السادس من (نيسان)، إن نظرته للأسد «تغيرت كثيرًا»، واصفًا الهجوم بـ«المروع وغير المحتمل»، والذي تجاوز الكثير من «الخطوط الحمر» بالنسبة له، وتوعد ترامب بالرد على هذا الهجوم من دون الكشف عن توجهاته العسكرية، وقال ترامب إنه يجب أن يحدث «شيء ما» مع الأسد بعد الهجوم الكيمياوي.
ولم ينتظر ترامب كثيرًا حتى حوّل أقواله إلى أفعال، وكشف الستار عن «الشيء ما» الذي يعده للأسد، بـ59 صاروخَا اميركيا، وقعت على مطار الشعيرات العسكري السوري، الذي يُعد ثاني أكبر قاعدة جوية في سوريا، وأسفر الهجوم عن «تدمير المطار بنحو شبه كامل» بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقتل ست عسكريين بينهم عميد بحسب ما أقر به النظام السوري.»
فيما أعلنت واشنطن حسب وجهة نظر بولتو الى أن الضربة الأميركية تلك، دمرت 20% من الطائرات السورية العاملة، إضافة إلى دفاعات جوية ومواقع للوقود والذخيرة، وتعد هذه الضربة العسكرية الاميركية ضد نظام الأسد، «غير مسبوقة» منذ بداية الثورة السورية ضد الأسد في 2011، إذ اعتادت السياسة الاميركية في عهد أوباما على المطالبة برحيل الأسد سياسيًا، من دون أي تدخل عسكري اميركي ضد «الأسد»، وقصر الضربات العسكرية الاميركية ضد «تنظيم داعش « , وبالإضافة إلى تصعيد ترامب العسكري ضد الأسد، صعّد الرئيس الاميركي خطابه لفظيًا ضد الأسد، واصفًا إياه بـ«الحيوان»، يوم الأربعاء الماضي الموافق 12 أبريل (نيسان)، في مقابلة له مع قناة فوكس نيوز، قال فيه: «إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدعم شخصًا شريرًا بحق، أظنه سيئًا جدًا سواء بالنسبة لروسيا، أو للبشرية، والعالم أجمع» في إشارة إلى الأسد، مضيفًا «عندما تلقي غازًا أو قنابل أو براميل متفجرة، أن تلقي تلك البراميل الضخمة المعبأة بالديناميت وسط مجموعة من الناس ثم تجد الأطفال من دون أذرع أو أرجل أو أوجه « .
وعن كواليس اتخاذ قرار الضربة الاميركية للأسد،اشار بولتو الى تصريح ترامب عندما قال « عندما شاهدت صور هؤلاء الأطفال قتلى بين أيدي أهلهم أو يصارعون للبقاء أحياء، اتصلت مباشرة بالجنرال جيمس ماتيس (وزير الدفاع الاميركي) لبحث خيارات الرد، وقال له إنه لا يملك خططًا للدخول إلى سوريا، مفضلًا أن يكون التدخل العسكري الاميركي في سوريا عن طريق ضربات جوية تستهدف النظام.»
يرى بولتو ان « تحول ترامب في موقفه تجاه الأسد إلى حفاوة عربية وغربية على الصعيد الرسمي، لم تشمل بالطبع الأسد وحلفاءه، وبالداخل السوري ظهرت الحفاوة على الهيئات المعارضة بنحو ملحوظ، إذ رحّب الائتلاف السوري المعارضة بالضربات الاميركية، متمنيًا استمرارها «لوقف الضربات الجوية للحكومة السورية واستعمال الأسلحة المحظورة دوليًا». «الضربة الاميركية رفعت من معنويات أهالي الشهداء»، هكذا أكد أبو مهيب (37 سنة) الضابط السابق بالجيش السوري، والذي يعد أحد أقرباء قتلى «خان شيخون»، مؤكدًا ضرورة معاقبة «المجرم وليس أداة الجريمة » لافتًا إلى أنه «لم يصل ولا حتى جزء يسير من حق أهالي الشهداء».
وعن اسباب اختفاء الكثير من السوريين بضربات ترامب ؟ يرى بولتو أنه من حق السوريين أن يفرحوا بالضربة الاميركية ضد الأسد معدّدًا خمسة أسباب لذلك، منها ان الضربة موجهة لمنطقة عسكرية كانت تخرج منها طائرات تقصف الأهالي بشتى أنواع القذائف و أخيرًا الكيمياوي وبذلك فإن تعطيل هذا المرفق يسعد الأهالي.اضافة الى ان الضربة ليست على السوريين المدنيين كما تفعل روسيا والنظام. كما ان الضربة جاءت لتقزّم الروس وتعيدهم الى حجمهم الطبيعي فهي مؤلمة للروس أكثر من النظام , و الضربة أعادت أميركا الى الملعب السوري فلم تعد روسيا متفردة بالساحة. كما ان الضربة باعتقاد أغلب السوريين، ستغير واقع الصراع داخل سوريا، ويحتمل أن تنفذ اميركا وعدها بفرض مناطق آمنة؛ الأمر الذي سيقلص فترة بقاء بشار الأسد على كرسي الحكم.
* عن صحيفة الواشنطن بوست الاميركية