يقدمها المجلس الثقافي والفني في كربلاء
بغداد – أحلام يوسف:
اليوم وبعد هجمة التغيير «ان جاز لنا التعبير» التي مر ويمر بها العراق منذ مدة، أصبح التمسك المجازي، او لنقل محاولات التمسك بأخلاقيات الائمة، والشخصيات التاريخية العظيمة، سمة غالبة على معظم العراقيين، يقابله زيف في ترجمة تلك المحاولات التي يمكن ان نطلق عليها محاولات لإيهام الآخر بجدواها، بقصد، او من دون قصد.
الامام علي «ع» قد يكون اكثر الشخصيات التاريخية علماً، وثقافة، وإنسانية، ومحبة لله ولخلقه، وبقدر ما نسمع عن محبة الناس ومحاولاتهم الاقتداء به، بقدر ما يستشري الفساد في كل ركن، او زاوية من زوايا حياتنا السياسية والاجتماعية، وحتى الدينية، تلك الحرب غير المعلنة ما بين عقلانية الحب وعبثيته، حوّلها القاص لؤي زهرة الى مضمون لمسرحيته «لو كان بيننا» التي يقدمها المجلس الثقافي والفني في كربلاء، حيث تدور احداث المسرحية حول رغبة مخرج، في ان يقدم عملاً مسرحياً عن الامام علي «ع» ورفض «المؤلف» في ان يكون الامام علي مشروعاً لعمل مسرحي، فهو حسب رأيه لا يريد منا مقالا، او مسرحية، بقدر ما يحتاج ان نكون اناس اسوياء، نحترم الجميع، ويبدأ الصراع ما بين رفض الكاتب، واصرار المخرج .
فالكاتب يتساءل: هل يقبلون قولي لو قلت لهم بأن علي بن ابي طالب لم يكُ هناك من يحرسه، ولا حاجب يحجبه، ولا سيارة مظلله تمنع الشعب من رؤيته، وهل سيقبلون قولي لو قلت لهم ان في شريعة علي بن ابي طالب إذا سرق السارق لحاجة قُطعت يد الحاكم.
وهنا يكشف الكاتب النقاب عما هو مستور في تاريخ الامام علي «ع «، فالمسرحية حسب «زهرة» تسلط الضوء على فترة حكم الامام علي «ع»، وتأتي بنتيجة بأن المقارنة ما بينه وبين أي حاكم، مستحيلة، فقد استأجر بيتاً من الطين، وباع سيفه ليشتري الرغيف لعائلته، وباع درعه الذي يقيه ضربات السيوف، وطعنات الرماح ليسد رمق عائلته، وكان يرقع شسع نعله، في الوقت الذي كان بإمكانه ان يسلب الرعية حقهم، وبعد جدل طويل ما بين الكاتب والمخرج، يدخل متسول فيطرح عليه المؤلف سؤالا، ماذا لو كنت تعيش في زمن علي بن ابي طالب ؟ وهنا يأتي الرد سريعًا، واين أنتم من علي؟ وهل صدقتم انفسكم بأنكم من اتباع علي، وهل صدقتم انفسكم بأنكم تسيرون على منهج علي، ان كان كذلك، فلمَ كل هذا الفقر، وهذا الفساد الذي نحيا به.
وكان المتسول يحمل في جعبته كتاب قوانين الامام علي، التي لو طبقت فستكون كفيلة بتحقيق العدالة الإنسانية، فعلي حاكم انساني لم يفرق بين أي من رعيته، حتى الخوارج الذين ناصبوه العداء. وفي نهاية المسرحية نكتشف بأن دور المتسول كان من تدبير المخرج، الذي سخّر هذه الشخصية لتحقيق مأربه في تنفيذ عمل بحق الامام علي.
يقول المؤلف في حديث له عن أهمية المسرح: «أعطني خبزاً ومسرحاً اعطيك شعباً مثقفا»، لعل البعض يعتقد بأن هذه المقولة مبالغا فيها. لكني أؤمن بأنها الحقيقة، وقد أدركت الانظمة الدكتاتورية اهمية المسرح في بث الوعي الجماهيري، لذلك وضعوا انظمة مراقبة، ومقص للرقيب، يقص ويحذف أية عبارة، او مشهد لا يتماشى مع اهوائهم. ولم يغفل المثقفون دور المسرح، كما لم يغفله الظلاميون، فاحتدم الصراع على خشبة المسرح، ما بين مسرح جاد يحمل اهدافاً سامية وقيما نبيلة، وما بين مسرح يستخف بعقول الناس، ويزيّف الحقائق، «لو كنت بيننا» محاولة لبناء مسرح جاد، يتغنى بالقيم النبيلة، والاخلاق الفاضلة، والمعاني الانسانية الخلاقة.
لؤي زهرة عباس (لؤي زهرة) ولد ونشأ يتيمًا وتربى في حجر جدته لأبيه «زهرة»، لذلك الحق اسمها به، عرفاناً منه لدورها العظيم في تربيته.
وهو عضو اللجنة المشرفة على مهرجان خان النخيلة الثقافي الاول الذي كان له دوراً كبيراً في تنشيط الحركة الثقافية في كربلاء
وله مجموعتان قيد الطبع هما «سوق الأفكار»، و «نساء على ورق»، ومجموعة من الحكايات ذات الطابع الشعبي عرفت بـ «يوميات بيت ابو عباس»، وهي تتحدث عن مفارقات ساخرة تحدث في العائلة العراقية وتجري التحضيرات حالياً لتقديم عمل مسرحي من تأليفه بعنوان «عضة كلب» ومسرحية «احلام كيشوتيّه».