اللامكترثون..!!

عامر القيسي

مدينة مثل سامراء برمزها الديني وقربها النسبي من العاصمة تجتاحها فئران الارهاب ..

بعد يوم واحد تزحف الفئران نفسها الى غرب الموصل وتحتل احياءا وتقتل ناسا ..

بعد يوم آخر يقتحم هؤلاء جامعة الانبار بوجود 2300 طالب وتدريسي واداري ربما انجتهم المصادفة من خطر موت مؤكد ..

ومع اننا سمعنا صوت لعلعة الرصاص وصراخ الاستغاثات وتحذيرات الانزلاق الاكثر دموية وكارثية الا اننا للاسف الشديد لم نسمع عن ..

اجتماع طاريء للحكومة .. او اجتماع طاريء للبرلمان المنشغل بلملمة اوراقه للمغادرة أو للتجديد .. ولم نسمع ان قادة الكتل والاحزاب وضعوا خلافاتهم جانبا في بلاد تحترق تحت اقدام الناس.. لم نسمع عن تشكيل خلية أزمة من اي من الهيئات التي لها علاقة بما يجري في البلاد من انهيارات امنية..

شيء محير هذه الدرجة من اللااكتراث ، وهذه الدرجة من الاستهانة بخطورة مايجري، تاركين الا مور على عاتق القوات المسلحة في مواجهة تبدو كحرب حقيقية شاملة من بابل الى نينوى مرشحة للانفلات حقيقة اذا استمر التعامل معها على هذا النمط التقليدي من ردود الافعال العسكرية الاحادية الجانب.. وفي غياب تام لاي نوع من انواع التحشيد الشعبي لمعركة تهم حياة الجميع ومستقبلهم والاجيال القادمة..

اهالي الانبار تركوا لمحنة التهجير والبحث عن مأوى في طول البلاد وعرضها .. واهالي سامراء تركوا وحدهم يواجهون نفايات البشر من الارهابيين باختلاف تسمياتهم ونجحوا بذلك من دون تنظيم حكومي أو حزبي، منتصرين لوطنيتهم ولحسّهم من ان مايجري لامصلحة لهم به فيما لو تطور الوضع فسيكونون اول من يدفع فواتيرنتائجه ..وترك اهالي الموصل نهبا لتهديات الارهاب وابتزازه لهم وتخويفهم بلغة السلاح والاغتيالات ..وترك اهالي بابل يلملمون جراح وضحايا السيارات المفخخة..

اثبتت تجربتنا في الاقل ان محاربة الارهاب لاتمر عبر البندقية فقط ، فالمعركة هي معركة الشعب بكل مكوناته واتجاهاته السياسية وبالتالي فانه المعني المباشر بهذه المعركة ويجب البحث عن آليات لانخراط الناس في مواجهة هذا السرطان الذي ينهش بجسد البلاد..

ليس انخراطا بالمعنى العسكري وتفاصيله وانما في تنظيم الناس المتضررة الاولى في مناطق تواجد الارهابيين ومناطق نفوذهم باشكال مبتكرة ، كما يبتكر الارهاب خططه واستراتيجياته واستفادته من اخطاءالحكومة والجيش معا لكسب الناس، ليس حبا بافكار الارهاب وانما لانعدام الخيارات امامهم اولا بسبب اليأس من خيارات الطرف الآخر التي تعتمد اساسا اما على التجنيد في الصحوات او الهجرة من المدن والقرى أو الحياد ازاء ما يجري في معركة للبلاد الموقف الحيادي فيها يشبه الانحياز الى الارهاب بوعي ومن دونه ..

يجب تنظيم الناس وفتح خيارات امامهم بستطيعون من خلالها تقديم شيء الى قضيتهم وفك الالتباس الحاصل بين مطالبهم واهداف القاعدة واخواتها من داعش وغيرها واحتضان مبادرات الناس،بما في ذلك الخيربة منها، وتطويرها ومنهجتها وتزويدها بسبل التطور لكسب اكبر عدد من الجماهير في معركة مصيرهم  الآن وفي المستقبل ..

هذا هو الطريق السليم لمحاربة الارهاب ، وهي مهمة ليست حكومية فقط ، وان كانت تتحمل كامل المسؤولية، على قادة الاحزاب والقوى السياسية ان بجتمعوا ويقرروا ويعملوا على تحشيد الناس واشراكهم في القضاء على عدو الجميع بدلا من  الاكتفاء بالبيانات وتشكيل الميليشيات المنفلتة التي تزيد الامور سوءا وترفع من مستويات التأزم وربما تقدم خدمة مجانية للتنظيمات الارهابية !!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة