السليمانية.. مهن وحرف شعبية أخذت طريقها نحو الاندثار

السليمانية – خالد النجار:
كانت المهن والحرف الشعبية في السليمانية مثل النجارة والحدادة والسمكرة والحرف الاخرى منتشرة منذ قديم الزمان فابداع العاملين بها يعدون من المبدعين في مجال تخصصهم في نحت وتشكيل قطعة معينة من الخشب او الحديد وتأخذ صورة او شكلا وذات استعمال منزلي، وبما أننا نملك حضارة تمتد الاف السنين وعليه تكون المهارة اليدوية لمهنة الحدادة والسمكرة والنجارة هي واقع لحضارة البلد او المدينة او المنطقة . ففي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي باتت الصناعة الاولى في العراق ومحافظاته قبل ان يبدأ الغزو الصناعي والتجاري لاسواقنا التي تعتمد على المواد البلاستيكية والخشبية في تلك المهن والحرف، وان اهمالها سيسهم في تفشي البطالة للايدي العاملة الماهرة التي كانت تحتضنها الورش والحرف فمن يوقف مد التطور في الحياة والتكنولوجيا التي اثرت على المهن والحرف في السليمانية.
السمكري كاك رؤوف يقول المهن والحرف بدأت تنقرض مع الاسف الشديد وحتى سلوكياتنا هي الاخرى اختلفت عن اخلاقيات ايام زمان، ولقد كانت مهنة الحدادة والسمكرة اليدوية زاخرة في يوم من الايام وكنا نمتلك اكثر من 45 مهنة حرفية تقليدية معروفة، والسبب الرئيس في اندثار تلك المهن هو الاستيراد لما ينتج سابقاً وكذلك الناس تبحث عن ماهو جديد في كل شئ ، ومنها الابواب المعدنية والشبابيك وحتى (مناقل الشواء استوردوها)!وحتى الحرفيين غيروا مهنهم بسبب المعيشة وصعوبات الحياة مع تقدم العمر ولا يوجد دعم من اية جهة حكومية؟ وحتى ان الكثير من المعامل والورش الاهلية اغلقت بسبب ذلك، ولا اعرف مالجدوى من استيراد منقلة وان سعرها هنا بسيط ولا يتجاوز 8 الاف دينار بينما المنقلة التركية تتجاوز الـ25 الف دينار ؟ وما الهدف من ذلك؟ اسئلة كثيرة نطرحها امام المعنيين ولكن نعرف سلفا انكم لن تجدوا اية اجابات عليها مع الاسف الشديد؟؟!!
اما لطيف صابر فيؤكد ان دخول مهن جديدة وكبيرة وكثيرة في حياتنا غير الكثير من الامور وحتى بدا تأثيرها السلبي على عائلاتنا منها الكومبيوتر والسيارات الحديثة ومحال الاكسسوارات والحلي الشعبية والحلويات والصناعات اليدوية الجديدة وعشرات المهن الجديدة في عصر التكنولوجيا، اثر كثيرا علينا وحتى ان الناس بدأت تركز على اقتناء المستورد في كل تفاصيل الحياة، وبدأت معها مهننا تندثر شيئا فشيئا، وكنا نعتاش على مهن تتعبنا ولكنها كانت تعيل عوائلنا ومعيشتنا، وان المستورد قضى تماما على سبل معيشتنا ولا يوجد من الحكومة من ينتبه لذلك او يفكر ولو قليلا اين نذهب نحن اصحاب المهن؟ ومن يعيل عائلاتنا ؟ واسئلة كثيرة لا نجد جوابا لها مع الاسف مما يضطرنا الى تغيير المهن ونحاول البحث عن مهن اخرى ولكن تقدم العمر والتعب الجسدي يكون حائلا دون تحقيق ذلك ..؟
محمد يتحسر بقوله ويقول: «ان الشباب اليوم محروم من تعلم المهن التي يعيل نفسه منها مستقبلا..لانه لا توجد معاهد او دراسات خاصة لتخريج جيل جديد يتعامل مع المتغيرات وفق السبل العملية والعملية، فنلاحظ مجاميع الشباب ومعظمهم بلا عمل ولاهدف في الحياة وتلاحظهم يهيمون في المتنزهات او المقاهي والشوارع التي تكتظ بهم لملا الفراغ الذي يشعرون به، ولابد على الحكومة ان تفكر بطريقة جدية في سبيل اتاحة الفرصة لهم !! وبحثهم عن فرص عمل حقيقية لكي ياسسوا عائلات لها مصدر اقتصادي بسيط لبداية حياة جديدة وتكوين اسر ومع الاسف فقد كانت مهننا في الامس تخرج الكثير من المهنيين في معظم الاشغال ولكن اليوم ومع الاندثار لمهننا ومنها الحدادة والسمكرة والنجارة فمن ياتي ليشتغل معنا وكيف ؟؟وانا شخصيا خريج معهد فني ولكن اين التعيين؟؟ ومن يعيننا؟ لذلك وجدنا انفسنا نغوص في المهن المتعبة وان معظم اصابع يدي مقطعة بسبب المهنة التي اعيل اسرتي وابنائي وبناتي منها».
اما الحرفي كاك جلال يؤكد نحن نطالب من يعنيهم الامر ان ينتبهوا للصناعيين والحرفيين في السليمانية وان يعدوا خطة قبل ان يفتحوا الاستيراد لاية مادة كانت ويفكروا قليلا بالمهن التي بدأت تنقرض ويصل تعدادها الى اكثر من 45 مهنة وحرفة شعبية وتخدم المجتمع، وان تحاول حكومة الاقليم بفتح مراكز تدريب او معاهد خاصة للتدريبة وتستوعب الاف الشباب العاطلين وتحاول زجهم في اعمال تواكب التطور وتحتفظ بالموروث الشعبي للمهن التي انقرضت والتي ستنقرض لاحقا، وان يحاولوا خلق توازن ما بين المستورد والمحلي والتفكير قليلا بالمهنيين والحرفيين وعوائلهم وان لا يدير المعنيين ظهورهم لنا وللمهن الاخرى «.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة