ارتفاع سعر الدولار يربك الأسواق المحلية ويثير سخط المواطنين

بعدما قارب 160 الف دينار مقابل 100$

بغداد ـ نجلاء صلاح الدين :
سجل سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي خلال الـ24 ساعة الماضية في السوق العراقية ارتفاعا غير مسبوق تجاوز سقف 160 ألف دينار مقابل كل 100 دولار، ما تسبب في حالة من الارتباك في حركة السوق العراقية.
ووصفت تقارير صحافية ما تشهده سوق صرف العملات الأجنبية من ارتفاع في العراق خلال الساعات الـ24 الماضية بأنه “جنوني وغير مبرر وأصاب المواطنين بصدمة كبيرة جراء الارتفاع المتسارع لسعر صرف الدولار”.
وذكرت أن هذا الارتفاع “أثر بشكل سلبي في أغلبية الشعب، ولا سيما محدودو الدخل والطبقات الفقيرة، على الرغم من تعهد الحكومة العراقية والبنك المركزي العراقي بالسيطرة على سعر صرف الدولار”.
يأتي هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار في ظل انتعاش غير مسبوق في احتياطيات البنك المركزي العراقي التي من المرجح أن تصل إلى 100 مليار دولار بنهاية العام الحالي، وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ البنك المركزي العراقي، فضلا عن استقرار صادرات النفط الخام العراقية بمعدل يتجاوز ثلاثة ملايين و300 ألف برميل يوميا.
ودعا أعضاء في البرلمان العراقي إلى عقد “جلسة استثنائية خاصة لمناقشة إدارة البنك المركزي بشأن أسباب تزايد ارتفاع سعر صرف الدولار، والإجراءات المتخذة في ظل الأزمة الحالية التي بدأت تتفاقم بشكل كبير”
وفي وقت كانت التحليلات الاقتصادية تشير فيه إلى أسباب محلية وراء تراجع أسعار الصرف تتعلق باستبعاد بعض المصارف الأهلية من مزاد العملية في البنك المركزي، صار الحديث عن الأسباب الخارجية وإجراءات البنك الفيدرالي الأميركي، شائعاً بالنسبة إلى اضطراب سعر الدينار في الأسابيع الأخيرة.
ورغم التعهدات التي قطعتها الحكومة منذ نحو ثلاثة أسابيع بالسيطرة على أسعار الصرف، فإنها استمرت في التصاعد باطراد ما وضع حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني تحت طائلة الانتقادات الشعبية والسياسية، وجاءت معظم الانتقادات السياسية من حلفائه في قوى “الإطار التنسيقي” الشيعية التي أوصلته لسدة الحكم في تشرين الأول الماضي. وبعد أن وجهت النائبة عن قوى “الإطار” حنان الفتلاوي انتقادات لاذعة للسوداني في وقت سابق، عادت، وقالت في تغريدة عبر “تويتر”: “حالة من الهلع تصيب الأسواق بسبب الارتفاع السريع لسعر صرف الدولار. مطلوب من الحكومة توضيح لطمأنة الناس وتبيان إجراءاتها لمنع الانهيار؛ لأنه يبدو أن محافظ البنك المركزي صائم صوم زكريا عن الكلام”.
بدورها، اعتبرت لجنة الخدمات والإعمار النيابية، ارتفاع صرف الدولار مقابل الدينار العراقي “أول تراجع لحكومة السوداني عن برنامجها الحكومي”. وقال رئيسها النائب عن الحزب “الديمقراطي” الكردستاني محما خليل، في بيان، إن “ارتفاع صرف الدولار يعد تلكؤاً واضحاً في عمل الحكومة العراقية برئاسة السوداني، التي كنا نأمل أن تنهي عملية ارتفاع صرف الدولار وإعادته إلى سابق عهده بـ119 ديناراً للدولار الواحد”.
وأضاف أن على “السوداني أن يعمل على تصحيح هذا التراجع وهو قادر على ذلك؛ لأن هذا الأمر له علاقة بقوت المواطن العراقي الذي أعلن عن تذمره الشديد لارتفاع صرف الدولار”. ودعا اللجان الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي إلى “التدخل لعودة سعر صرف الدولار، ومحاسبة المقصرين حساباً شديداً ليكونوا عبرة لمن يحاول التلاعب بقوت المواطن العراقي”.
النائب المستقل القريب من قوى “الإطار التنسيقي” مصطفى سند وجه انتقادات لاذعة، لحكومة السوداني وللولايات المتحدة الأميركية وحملهما مسؤولية ارتفاع الأسعار، وقال في تدوينه عبر “فيسبوك”: “إن ارتفاع الدولار عام 2021 جاء بسبب الحكومة الصديقة لأميركا (حكومة الكاظمي) لغرض منع انتقال الدولار من العراق إلى دول الجوار (تركيا وإيران ولبنان وسوريا) لغرض معاقبتها”.
وأضاف: “لكن ارتفاع الدولار هذه الأيام يختلف تماماً، وجاء بسبب أميركا نفسها، وبدون وسيط، والغرض هو منع الدولار من الدخول للعراق بالأساس، لغرض معاقبته معاقبة خفيفة، وتنتظره على طاولة الحوار مطلع عام 2023 لغرض التفاهم حول ملفات ساخنة مثل الملف الإيراني وملف الطاقة ومستقبل القوات الأميركية والاتفاقيات الأمنية”.
وتابع سند أن “تراكم احتياطي العملة الجنبية في البنك المركزي العراقي والمودع لدى الفيدرالي الأميركي والذي سيتجاوز 100 مليار دولار وبتصاعد مستمر، لكن يصعب على العراق التصرف بهذا الرقم الكبير؛ لأن أميركا سمحت فقط بخمس شحنات شهرياً من الدخول للبلد”. وخلص إلى القول: “إن من الجبن عدم انتقاد الحكومة الحالية والبرلمان الحالي لتفرجهم على ارتفاع الدولار وأثره على الناس، خصوصاً أن رئيس الوزراء الحالي والنواب الحاليين ومن ضمنهم (أنا) قد تصدينا لملف الدولار بوقت سابق وانتقدنا بشدة الارتفاع الحاصل في وقتها، واليوم تكاد تخرس ألسنتنا. لكن من الجبن والدونية عدم انتقاد الدور السلبي للأمريكان وتشخيص الدور الاستعماري والابتزاز الدولي، ومنع تحويل أموالنا”.
ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، أن “البنك المركزي يعجز حتى اللحظة، عن استخدام الاحتياطات النقدية لدعم الدولار، على الرغم من الارتفاع الجنوني في العراق”.
وأضاف المرسومي في تدوينة أن “البنك المركزي العراقي يمتلك احتياطياً نقدياً أجنبياً هو الأعلى في تاريخ الدولة العراقية بأكثر من 90 مليار دولار ومع ذلك فإن سعر الدولار مقابل الدينار هو الأعلى منذ عام 2004، ما يعني عجز البنك المركزي العراقي في استخدام احتياطاته النقدية في الدفاع عن سعر صرف الدينار وتضييق الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي التي تبلغ حالياً أكثر من ستة في المائة”.
وقال مستشار رئيس الوزراء الاقتصادي مظهر محمد صالح في تصريحات صحافية، أول من أمس، إن “التقلبات الطفيفة في سعر الصرف خارج السعر المركزي حالياً قد جاءت لأسباب داخلية وخارجية”.
وأضاف أن “نشاطاً احتكارياً داخل السوق يتصرف خارج الضوابط الرقابية التي نص عليها قانون مكافحة غسل الأموال”.
وكالعادة المتبعة، خاصة في المؤسسات الحكومية في التنصل من المسؤولية، دعا المركزي العراقي في ديباجة انشائية امس الثلاثاء في بيان، “المصارف لتحمل مسؤولياتها في تسهيل الإجراءات لزبائنها وتسريعها لضمان وصولهم الى التمويل بأفضل الممارسات المصرفية وبأقل قدر من الحلقات مع مراعاة المتطلبات القانونية المقررة”.
فيماارجعت رابطة المصارف الخاصة، ارتفاع الدولار الى أمور فنية تتعلق بمنصة نافذة بيع العملة الالكترونية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة