جديد السينما

فيلم «أشجار السلام»
Trees of Peace
من زاوية مغايرة، يعاين الفيلم الرواندي الأميركي الروائي الطويل Trees of Peace «أشجار السلام»، تأليف وإخراج ألانا براون Alanna Brown، المأساة الدموية الرواندية، في تسعينيات القرن الماضي، بين قبيلتيّ التوتسي والهوتو.
براون التي ترجع ببشرتها السوداء، على ما يبدو، إلى أصول رواندية، لم تكن تريد لفيلمها المنتج عام 2021، والمتاح عام 2022، أن يتحوّل، فقط، إلى مرافعة عدلية جنائية ضد من ارتكب المذابح من قبيلة الهوتو في تلك الشهور المنقوعة بدم زهاء مليون رواندي من قبيلة التوتسي، رغم احتواء الفيلم على شكل من أشكال الإدانة. هي أرادته، بغض النظر عن وقوع أحداثه من عدم وقوعها، مرافقة وجدانية نفسية قيمية، لمعاناة أربع نساء يجدن أنفسهن دون سابق إنذار داخل قبو يُغلق من الأعلى، ولا يفتح إلا من الخارج، وضعهن زوج واحدة منهن هناك لحمايتهن من المقتلة الكبرى الجارية في شوارع رواندا على آلاف أقدام وسيقان القبيلة التي فقدت في لحظة غرائزية همجية عقلها وضيعت صوابها، فصارت تقتل على الهوية.
81 يومًا قضتها النساء الأربع داخل قبو صغير مظلم بأقل الماء وأقل الطعام (واظب فرانكوس على تأمينهن ببعض الماء والطعام كلما وجد دربًأ آمنًا، فقبيلته لن تسامحه، حتى لو كان منها، إن عرفت ميليشيات القتل فيها، أنه يرسل الماء والطعام لمختبئات من المجزرة، ومن بينهن واحدة من التوتسي)، وبلا تلبية لحاجات بيولوجية من مثل الذهاب إلى الحمّام: «في القبو لم نعد نحيض، ولم نعد نتبوّل»، ولكنهن وجدن، بعدما نجون، الشفاء، ووجدن أنفسهن، أو بالأحرى أعدن اكتشاف أنفسهن، وأنقذن أرواحهن، قبل أن ينقذن أجسادهن، إضافة إلى إنقاذهن الجنين في رحم Annick، وهو الحمل الرابع لها بعد ثلاثة إجهاضات. منحن الجنين اسم إيلايجا، وتناوبن على إحاطته، حيث يقبع في قبوه الخاص، بالحب والحدب والأمل.
الناجيات من الإبادة الجماعية، قدن في رواندا، بحسب ما كتبت المخرجة على شاشة الفيلم بعد نهايته، إعادة تأهيل قائمة على التعافي عبر التسامح، وعددهن اليوم في حكومة بلادهن، أكثر من أي دولة أخرى في العالم.

فيلم «دير داونتون: عصر جديد»
Downton Abbey: A New Era
بنفسٍ كلاسيكيٍّ فاخر، يتحرك الفيلم الإنكليزيّ الروائي الطويل Downton Abbey: A New Era «دير داونتون: عصر جديد» تأليف سيمون كيرتس وإخراج جوليان فولويز.
ورغم أن الفيلم هو، بشكلٍ من الأشكال، متابعة لفيلم روائي طويل تلقّت فيه عائلة كراولي وموظفو داونتون زيارة ملكية من ملك وملكة بريطانيا العظمى، إلا أن الفيلم الجديد (2022)، مكتفٍ بدقائقه الـ(124) بذاته، تتصاعد مشاهده لتحكي عبر الصورة والموسيقى والأداء الإنكليزي الرزين الثقيل، حدوتة الفيلم الذي يعاين مآلات طبقة النبلاء، ويجوب الأسرار المتوارية خلف ستارة مخملية.

فيلم «إبليس» Luzifer
يصعّب الفيلم الألمانيّ الروائيّ الطويل Luzifer «إبليس» تأليف وإخراج بيتر برونر Peter Brunner، على نفسه وعلينا، ممكنات التعاطف مع حدوتته.
رجل بعقل طفل، مطلوب منه أن ينقذ أمّه من أوهامها، واعتلالاتها، وغضبها من زوج تركها رغم أنها مَن قتلته استجابة لإبليسها المقدس. هذا الرجل، وبقدراته العقلية تلك، يصبح، رغم إرادته، إلهًا وشيطانًا في الوقت نفسه.
فيلم عن اكتشاف الإيمان وتحسّس أطيافه من خلال السينما، وموسيقى البداءة الأولى، عن الوساطة المظلمة، والحماسة الدينية، والعزلة، وسوء معاملة الطبيعة. الأداء تشرّب مختلف تعقيدات الحالة التي تمثلها الشخصيتان الرئيسيتان داخل أحداث الفيلم. عبّر عن الإثم، وموبقات الجسد، والإرث الثقيل من المحافظة على شجر الغابة، وفي الوقت نفسه، المحافظة على رماد الراحلين، وفق أدائية طقسية تجلّى فيها التفاني لحظة التمثيل. هذا ما أجاده الابن جوهانيس (أدى الدور فرانز روغويسكي Franz Rogowski)، وما تفوّقت به على نفسها الأم ماريا (سوزانا جينسن Susanne Jensen).

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة