ما يزال المواطن العراقي يتساءل ماذا يعني زيادة حصة المولدات الاهلية من الوقود الحكومي ، هل سيقلل من قيمة الامبير الى النصف مثلا ؟ يبقى الجواب بالتاكيد لا ، لان صاحب المولدة يتذرع بحجة انه لا يستلم الوقود الحكومي فهو غير مشمول بهذه الحصة ، المواطن يدفع بكل مرارة والم 25 الف دينار عن سعر الامبير الواحد لصاحب المولدة الاهلية منذ شهر نيسان الماضي وحتى اليوم .
فقد كشف وزير المالية علي عبد الأمير علاوي مؤخرا عن صرف 120 مليار دولار على الكهرباء في العراق في سبع سنوات .. وقال إن»التقديرات تشير إلى أن معدلات الفقر في العراق تضاعفت في عام 2020 ويرجع هذا إلى حد كبير الى انخفاض إيرادات العراق من النفط، حيث انخفضت الأسعار عالميًا بسبب انهيار الطلب الناجم عن الوباء»، مبيناً أنه «لا يمكننا أن نسمح لسبل عيش ملايين العائلات أن تستمر في أن تمليها تقلبات سوق النفط التي لا يمكن التنبؤ بها».
ولذلك فنحن نرى أن «العراق من الممكن أن يلعب دوراً مهماً من خلال الاستفادة من الإمكانات الهائلة لإنتاج وتوفير الطاقة النظيفة، حيث يشكل إنتاج النفط والغاز ما يصل إلى 40٪ من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحرق المستمر للغاز الطبيعي في آبار النفط، الأمر الذي يحتم علينا الالتزام بالحد من حرق الغاز واستثماره».
المتتبع للاحداث يرى ان ازمة الكهرباء انتقلت من حرب تفجير الابراج الناقلة للطاقة الى نقص الغاز المورد من ايران والنتيجة نقص في الطاقة الكهربائية في مناطق الوسط والجنوب، فمن دون معرفة الاسباب قامت ايران بتخفيض الكميات الموردة من الغاز الى العراق من تسعة واربعين مليون متر مكعب يوميا إلى ثمانية ملايين متر مكعب يوميا، ما تسبب بفقدان اكثر من خمسة آلاف ميغاواط حسب ما اعلنته وزارة الكهرباء.
يأتي هذا التقصير من الجانب الايراني في الطاقة تزامنا مع الفترة التي منحتها واشنطن لمدة 90 أو 120 يوما كإعفاءات من العقوبات للسماح لبغداد باستيراد الطاقة من إيران، بعدما أعادت واشنطن فرض عقوبات على النفط الإيراني ومنعت الدول من شراء منتجات طاقة من إيران.
فيما تتجه الانظار والتساؤلات الى صمت الجانب العراقي اتجاه حلحلة ازمة الكهرباء المستعصية، فعلى الرغم من كل التحركات التي تقوم بها الوزارة باتجاه مشاريع الطاقة الشمسية والربط الكهربائي مع الخليج، الا انها مازالت عاجزة امام تزويد المواطن العراقي بالطاقة الكهربائية على مدار بضع ساعات متواصلة.
وبالعودة الى ايران فان هذه الازمة التي تسببت بها الجارة ليست الاولى من نوعها اذ انقطع تجهيز الكهرباء المستوردة من الجانب الإيراني تماما قبل شهر، وعللت هذا الانقطاع بانخفاض كميات المياه، الأمر الذي أدى إلى قلة تجهيز طاقة الكهرباء بالمحطات الهيدروليكية لديهم .
فليس من الغريب ان تبين الاحصائيات عن أرقام مفاجأة في تكلفة الفواتير التي يدفعها المواطن العراقي مقابل حصوله على الطاقة الكهربائية ، وبحسب مصادر مستندة الى دراسة خاصة بالوكالة الطاقة الدولية IEA وتقرير للبنك الدولي وديوان الرقابة المالية، فان «المولدات الأهلية المنتشرة في الأحياء السكنية تزود ٢٠٪ من الإستهلاك الكلي للمنازل في حين انها تكلف العائلة العراقية ٩٠٪ من مجموع ما تدفعها لفاتورة الكهرباء وهذا يعني ان الحصة الأكبر من إيرادات بيع الكهرباء تذهب الى المولدات الأهلية بدل وزارة الكهرباء على الرغم من ان العائلة العراقية تأخذ أكثر من ٨٠٪ من استهلاكها من الشبكة الوطنية».
احد موظفي الكهرباء المتقاعدين قال لماذا نستورد الكهرباء من دول الجوار او دول المنطقة ، بينما هناك شركات عالمية مثل جنرال الكتريك الاميركية وسيمنز الالمانية وغيرها من الشركات الفرنسية والصينية والهندية واليابانية بامكانها ان تقوم بنصب محطات عملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية في عموم العراق ، بل في كل محافظة حتى لا تتجاوز محافظة على اخرى تحت ذرائع شتى وكأن الامور اصبحت اكثر من شخصية عندما تنعدم معها العمومية ، مضيفا ان ما صرفته وزارة الكهرباء على الصيانة وشراء الغاز ، لكن الأزمة ليست وليدة اليوم. فالبلاد تعاني من انقطاع الكهرباء منذ أكثر من ثلاثة عقود على الرغم من المبالغ الضخمة التي تم صرفها على قطاع توليد الطاقة منذ عام 2003 تقدر على وفق خبراء، بأكثر من 80 مليار دولار ، وهنا يقول المثل .. اذا عرف السبب بطل العجب .
سامي حسن