السلامة في الاستقامة

-1-
قرأتُ بيتيْن للشاعر يحيى بن سعيد الشيباني المتوفى سنة 594هـ فأعجبتني اللَفْتَة البارعة فيهما حيث قال :
إنْ كنتَ تسعى للسعادةِ فاستقمُ
تَنَلْ المُرادَ وتَغْذُ أولَّ مَنْ سَمَا
ألِفُ الكِتابةِ وهو بعضُ حُروفِها
لما أستقامَ على الجميع تَقَدَّما
كثيرون اولئك الذين يبحثون عن السلامة ولا يدرون كيف يذوقون طعمها..
وهل ثمة مِنْ زاهد في السلامة ؟
انّ الجميع يتلهفون اليها …

-2
واللفتتة البارعة هنا أنَّ الشاعر تَأَمَلَ الحروفَ كلَّها فوجَدَحرفَ الألف مستقيماً بعيداً عن الانحناء أو التذبذب ذات اليمين وذات الشمال، وَرَبَط بين استقامته وتقدُمِه على سائر الحروف، فَنَبّه على خُطورةِ الاستقامة واهميتها في التقدم الذي هو مظنة السعادة والسلامة .

-3 –
ونحن نُلْفِتُ الانظار الى أنَّ اللهَ سبَحانَه أمرَنَا أنْ نقرَأَسورة الفاتحة في كُلِّ ركعةٍ من صلواتنا ،
وحين نقرأ الفاتحة فلا بد أن نقرأ :
( اهدنا الصراطَ المستقيم )
الفاتحة /6
ومن هنا يعلم ما تحتله الاستقامة مِنْ أهميّةٍ بالغة .

-4-
ولو تأملنا قليلا في المشكلات والأزمات الراهنة لوجدناها تفاقمت نتيجة الافراط او التفريط، والاستقامة تعني الاعتدال بعيداً عن الافراط والتفريط.
-5
أَفْرَطَ معظمُ السلطويين في (العراق الجديد) في ركضهمنحو تحقيق مصالحهم ومكاسبهم الخاصة وامتيازاتهم دُونَ أنْ يحسبوا لمصالح البلاد والعباد أيَّ حساب، فابتلينا بأسوء ما تبتلى به الشعوب من فوضى ، وتخلف ، وبطالة ، وارتفاع مناسيب الفقر والحاجة وسوء الخدمات …

-6-
وفرّط الكثيرون في اعتماد المعايير الموضوعية حين اختاروا لتمثيلهم من لا يستحقون شرف التمثيل، فكانت النتيجة أنهم عضوا أصابعهم البنفسجية وندموا ولات ساعة مندم ..!!
انهم لم يستقيموا في اختباراتهم ووقعوا تحت تأثير الاغراءات والعوامل الطائفية والعشائرية او المناطقيةفاحتسوا كؤوس العناء المرّة
-7 –
ولا يلدغ المؤمن مِنْ جُحْرِ مرتيْن ، وها نحن على أبواب الانتخابات المزمع اجراؤها في 10 /10 /2021 وهنا نكرر وجوب الاستقامة في الاختيار.
ولن نخرج من المآزق الراهنة الاّ بالاختبار الموضوعي المستقيم، البعيد عن كل الالتواءات، والاصرار على اختيار المستقيمين المخلصين القادرين على النهوض بأعباء الأمانة ، التي يمكن تلخيصها بايثار المصالح العليا للبلاد والعباد على مصالحهم الخاصة دون زيغ ولا التواء.

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة