عشر سنوات على الربيع العربي من دون ان تعرف دول الانتفاض الاستقرار

الاوتوقراطيون يتشبثون بالسلطات

متابعة ـ الصباح الجديد:

عشر سنوات مرت على ثورات الربيع العربي التي أشعلت فتيل الانتفاضات الشعبية ضد بعض الأنظمة العربية، سيما في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن، من دون ان تؤمن الاستقرار في تلك البلدان والتي بات بعضها يغرق في حروب داخلية مستمرة حتى الان.
حوّلت الحروب في ليبيا واليمن هاتين الدولتين إلى فسيفساء ممزقة لميليشيات متنافسة، بينما يتشبث «الأوتوقراطيون» بالسلطة في مصر وسوريا والبحرين، ويكتمون كل نفحة من المعارضة، كما اورد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».
أما تونس، التي تعتبر مثالا للنجاح السياسي الوحيد لتلك لانتفاضات «لا تزال تكافح لجني ثمار الديمقراطية وتكافؤ الفرص بين أبناء الشعب الواحد»، وفقا للصحيفة الأميركية.
تقرير «نيويورك تايمز» قال إن «الأمل بعصر جديد من الحرية والديمقراطية الذي انتشر في جميع أنحاء المنطقة تحطم إلى حد كبير» بينما القوى الأخرى التي تدخلت بقوة للقضاء على الثورات وإخضاع المنطقة لإرادتها مثل إيران وروسيا وتركيا، ازدادت قوة.

تفاقم الظلم الكامن
وأكبر أمل أعرب عنه المثقفون، الذين حاورتهم الصحيفة في العاصمة واشنطن والمنطقة، هو أن الربيع العربي على الأقل «أعطى الناس أملا في إمكانية تحقيق الديمقراطية».
الصحيفة حذرت أنه «إذا تفاقم الظلم الكامن وراء الثورات، فمن المرجح أن تعود الانتفاضات، كما حدث مؤخرًا في السودان والجزائر ولبنان والعراق».
منذ إعلان ترشح بوتفليقة لولاية جديدة، والجزائر تعيش على وقع احتجاجات في مختلف المحافظات تحت شعار «لا للعهدة الخامسة».
وتمثل سوريا، من نواح كثيرة، السيناريو الأسوأ، حيث أن الانتفاضة تحولت إلى حرب أهلية دمرت مدنًا بأكملها، وفتحت الباب أمام التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، وتسببت في خروج ملايين اللاجئين، بينما لا يزال بشار الأسد في السلطة.
محمد صالح، وهو كاتب سوري من حمص، قال للصحيفة: «منذ الربيع العربي، ساءت الأمور أكثر».
ثم تابع «ما تغير هو أن لدينا المزيد من القوات الأجنبية التي تسيطر على سوريا، بلدنا الآن مُدمّر وأكثر انقسامًا».
وينظر أغلب من شاركوا في الانتفاضات بمزيج من المرارة والحنين إلى الماضي ويذكرون أسبابًا مختلفة لفشلهم وهو «الدعم غير المتسق من الغرب، وتدخل القوى الأخرى، وعدم قدرة المتظاهرين على صياغة مطالبهم الاجتماعية والحقوقية إلى مطالب سياسية واضحة»، على حد تعبير الصحيفة.
بشار الطلحي، الذي دعم المتمردين في ليبيا والحكومة الانتقالية الأولى ويعمل الآن كمحلل للصراع، قال للصحيفة: «لم نكن ناضجين بما فيه الكفاية، لم نكن نعرف ما هو الصراع وما هي الديمقراطية وما هي السياسة»، ثم تابع «اعتقدنا أننا بحاجة فقط للتخلص من البعبع، لكننا لم ندرك أن البعبع قد نشر سحره فينا جميعًا».

ملء الفراغ
واتهم كثيرون الولايات المتحدة بعدم القيام بما يكفي لدعم الانتفاضات، «وترك المجال لدول حليفة للأنظمة الشمولية مثل روسيا وإيران».
بعد 10 أعوام على الثورة التي أطاحت بحكم معمر القذافي، لا تزال ليبيا غارقة في فوضى سياسية وأمنية تفاقمها التدخلات الخارجية وتحرم الليبيين المنهكين من ثروات بلادهم الهائلة.
ففي مصر، رفضت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وصف تولي الجيش على السلطة بالانقلاب العسكري عام 2013، وفقا للتقرير.
وفي ليبيا، تضاءل التفاعل الغربي بعد وفاة العقيد القذافي، مما ساهم في انهيار الانتقال السياسي المخطط له. أما في سوريا، حولت الولايات المتحدة تركيزها من دعم المعارضة إلى محاربة تنظيم داعش، إلى سحب معظم قواتها في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، على حد تعبير الصحيفة.
وهرعت قوى أخرى، أقرب إلى المنطقة في كثير من الأحيان مع اهتمام أقل بالديمقراطية، لملء الفراغ. ففي سوريا، دخلت إيران عبر الميليشيات لدعم قوات الأسد، بينما أرسلت روسيا جيشها لقصف معاقل المتمردين، وحولت تركيا أجزاء من شمال البلاد إلى محمية فعلية.
أسفر النزاع في سوريا عن مقتل 387 ألف شخص، وفق حصيلة جديدة صدرت، الأربعاء، عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، مع تسجيل أدنى زيادة سنوية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من تسع سنوات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة