احلام يوسف
كل صباح فرصة جديدة يمنحها لنا الوقت لتعويض ما فاتنا، لتغيير ما يستحق التغيير، لفعل خير طالما استثقلناه، لإعلان محبتنا لشخص معين سواء كان من افراد العائلة او صديق، طالما ظننا ان محبتنا بديهة لا تحتاج الى الافصاح عنها باللسان.
الغريب في الأمر اننا لا نتوانى عن شتم احد ازعجنا، ونلعن اخر تقاطع معنا، لكن الاطراء وقول احبك ثقيلة على لساننا! كم منا بادر وقال احبك لأخيه او اخته او امه او ابيه او صديقه؟
عشتار مشني الباحثة بعلم الاجتماع تقول: “نحن نفتقر الى الثقافة الاجتماعية حتى بأبسط تفاصيلها، فمثلا الأم تتحدث الى ابنها او ابنتها بأن اقرأ او كُل كي احبك! هنا نكون قد اوصلنا له رسالة مفادها ان الحب للآخر حتى وان كان بين الام واولادها، مشروط، عندما يتحدث الزوج الى زوجته ويخبرها بانه يحبها اكثر عندما تكون مطيعة او عندما تلبي طلباته، ونحب اصدقاءنا طالما يسيرون على خطانا ويؤيدونا بكل ما نقول حتى وان لم يقتنعوا به، هذا حب منقوص لانه ببساطة..مشروط.
وتابعت: لدينا مشكلة ليس في التعبير عن الحب، بل حتى في فهمنا لطبيعة هذه المشاعر، فالأم تحب اولادها وان كانوا كسالى، وان عصوها حتى، والرجل يجب ان يحب زوجته حتى وان لم تطعه في بعض الأمور فهناك شيء اسمه حوار ونقاش وتفهم، والصديق يجب ان يحب صديقه وان تقاطع معه وخالفه الرأي في بعض الأمور، فكل محبة مشروطة لا تندرج في خانة المحبة الحقيقية الخالصة خاصة وأننا دائما نردد ان الخلاف لا يفسد للود قضية.
واضافت مشني: كل شخص منا في داخله جانب مظلم وجانب اخر مضيء، علينا ان نحب الشخص بكلا جانبيه، لأننا عند ذاك سنعزز الخير بداخله، ولنتذكر دائما اننا ايضا نمتلك جانبين فليس بيننا ملائكة. وامر اخر علينا ان نتفهمه، كل الكائنات الخيرة او الشريرة “حسب وجهة نظرنا”، هي ضرورة للتوازن البيئي، أي ان الكائنات جميعها بخيرها وشرها، اساس هذا الكون الذي نحيا به.
تقول مشني ان الدعوة لحب الشخص حتى بمساوئه ليس من اجله هو بل من اجلنا نحن “عندما نطلب من الشخص ان يتخلص من مشاعر الكره تجاه احد ما فلأن هذه المشاعر تنغص علينا سعادتنا، لذا فالأفضل لنا اشاعة المحبة، بإعلانها لكل من حولنا، حتى في تمارين اليوغا نستعين احيانا بتمرين نقوم من خلاله بإغماض عيوننا ونتخيل ان قلبنا يفيض محبة ومشاعر جميلة وسنشعر بالطاقة الايجابية منا ولمحيطنا.. نتخيل الاشخاص في حياتنا ونحن نعلن لهم محبتنا حتى وان كانت حقيقة مشاعرنا نحوهم مختلفة، لكن اعلان المحبة يوقظها بداخلنا لتصـبح حقيقـة تستبـدل الأخـرى المليئـة بالكـره والغيـظ.
لا يوجد شيء في الكون يضاهي جمال الحب.. ونحن نعيش اجواء رمضان، دعونا نبدأ بالتفكير بكل الاشخاص الذين نختلف معهم او تملؤنا مشاعر كره تجاههم، ونخطط لرسم مسار اخر لعلاقتنا بهم، فالحب الخالص غير المشروط يمكن ان يغير الشر ويذيبه ويقضي عليه في النهاية.
في رمضان.. ليس اروع من الدعوة الى المحبة غير المشروطة
التعليقات مغلقة