أين الانصاف ولماذا غاب؟

-1-
حدثني أحد العلماء العلام بحكاية اختصه بها أحدُ المَهَرةِمِنَ مُصلحي الساعات ، وكنت أعرفه لشهرته ،
فقال :
حين يأتي اليّ احدهم بساعته المتوقفة عن العمل ويطلب مني اصلاحها اقول له :
انّ تصليحها يحتاج الى عمل ..!!
اترُكْها وراجعني بعد أسبوع …
فيظن صاحب الساعة أنّ العمل لاصلاح ساعته يحتاج الى وقت طويل بينما كان يمكن ان يتم في دقائق .
والسؤال الآن :
ولماذا التأخير ؟
والجواب :
انّ مصلح الساعات حين يطلب من صاحب الساعة اجرة عالية، يبادر الى رفعها دون توقف، ظنّاً منه انّ اصلاحها استهلك من المصلح وقتا طويلا
وهذا لا يخلو من اجحاف بحق الزبائن الذين وثقوا بالمصلح وائتمنُوهُ على ساعاتهم …
وغياب الانصاف في التعامل هو من أسوء الصفات ، بينما كان (الساعاتي) مسروراً بما يحصل عليه من الأجر العالي دون ان يتوقف قليلاً في محاسبة نفسه على هذه المبالغة في استيفاء الأجر العالي على مالم يُكُلِفْهُ جهداً كبيراً .

  • 3-
    ان غياب الإنصاف هو السبب في معظم حالات الاختلاف بين الزوجين ، وبين أرباب العمل وعُمّالهم ، وبين السلطويين وسائر المواطنين .
    وهو أحد أسباب النزاعات والمشكلات الاجتماعية الكثيرة في الساحة .
    -4-

وقد يدّعى القدرةَ على إصلاح العاطل من المكائن والمعدات …
مَنْ لا يتمتعُ بشيء منها ..!
وهذا هو لونٌ آخر من الاجحاف بحق الزبائن، ومَنْ يلجأ اليه منهم لاصلاح الخلل فيما يعطل عنده من آليات ..
لقد ابتلي كاتب السطور بواحد من هؤلاء وبعد أنْ قام بتفكيك الماكنة بذريعة اكتشاف موطن الخلل وادعى انه انفق مئات الآلاف من الدنانير قال :
انا لا أريد اجرة لنفسي ، ولكن ادفعوا لي فقط ما أنْفَقْتهُعلى الماكنة من أجل اصلاحها ..!!
لقد دفعنا له ما أراد، ولكننا اعتبرنا المبلغ الكبير الذي طَالَبَنا بهِ لوناً من الاجحاف بنا، وربما تضمن شيئا من الابتزاز أيضا، ولم نشأ أنْ يطيل الكلام فخير المال ما وقيتَ به عِرْضَكَ ولكنّ هذه القضية قد وَضَعَتْنا وجهاً لوجه أمام ما يجري من قبل بعض الادعياء من مفارقات وممارسات مؤلمة ما انزل الله بها من سلطان .
وَمَرّدُ كلُّ تلك الصور من الاجحاف وغياب الانصاف الى ضعف المناعة الاخلاقية، واللهاث الشديد وراء كسب المال ، واغماض العين عن كل

الشوائب المحيطة بممارساتٍ ليست بعيدةً عن الغشوالابتزاز وخيانة الامانة ..
ولقد بادر الكثير من الباعة الى رفع أسعار بضائعهم بمجرد الاعلان عن رفع سعر الدولار وسببوا متاعب جمة لمعظم الفقراء والمستضعفين بل حتى لمتوسطي الحال .
انّ السعي للحصول على المكسب الذي يضمن لك ولعائلتك الرزق الوافي بتغطية نفقاتك مهم ومهم للغاية ، ولكنَّ الأهم أنْ تكون وسيلتُه مشروعة طاهرة، لا تدنسها الخيانة، ولا تكون بعيدة عن رحاب الأمانة
وهنا تكمن العظة .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة