رحلة مع أربع شخصيات حكمت العراق

فوزي عبد الرحيم السعداوي

2- عبد الكريم قاسم

اذا كان التعرض لشخصية نوري السعيد ذما وحتى مدحا أمر مقبول ومفهوم فان ذلك يختلف في حالة عبد الكريم قاسم الذي اكتسب صفة القداسة لدى الغالبية من العراقيين مما يجعل عملية تقييمه حساسة…

عبد الكريم قاسم شخصية عادية يحيط الغموض بعض جوانبها..في مسيرته الاجتماعية والمهنية لم يعط أي انطباع بذكاء غير عادي وحتى بعد ان أصبح حاكم العراق وحتى مقتله لم يثبت ذكاءا غير عادي بل على العكس كان رد فعله على إنقلاب ٨ شباط متخبطا وغير مناسب… شخصية خجولة جدا ونرجسية جدا… وفي الأيام الأولى لثورة تموز كان يطل من شرفة وزارة الدفاع ليحيي الجماهير بين فترة وأخرى وبدون صوت أو كلام، وفي أحد المرات قال له وصفي طاهر تحدث للجماهير فأجاب وهو في أشد حالات الحرج، وماذا أقول أجابه وصفي طاهر أي شيء، أي شيء… بعد فترة صمت تقدم صوب الميكروفون وصرخ أنا أبن الفقراء، أنا ابنكم… بعد ذلك استمر في الخطابة ولم يعد يستطيع إيقافه أحد.. أما عن نرجسيته فقد تحدث لاحد الوفود قائلا لقد حررتكم ولولاي لبقيتم ٥٠٠ سنه تحت النظام البائد… من مظاهر خجله انه كان يعشق أغنية عبد الكريم كل القلوب تهواك لكنه عندما يرغب بسماعها فانه لايتجرأ بطلب ذلك أو الامر به فيتصل بمدير الاذاعة والتلفزيون قائلا شكو ماكو فيفهم الأخير المطلوب.

لم يكن مثقفا بشكل عام ويفتقر للثقافة السياسية بشكل خاص لكنه كان يحفظ الشعر وبعض الحكم التي يستشهد بها في خطبه.

كان يحب المديح جدا ولا يتقبل الرأي الآخر لكنه متسامح جدا أزاء من يسيئون إليه.. يعاني من اضطرابات نفسية… لم يتزوج لأسباب غير معروفة على الرغم من وجود حديث عن إمرأة رفضته كان السبب وراء عزوبيته.. وهو رقيق المشاعر محب للآخرين وخاصة الفقراء.

كذلك هو كان وطنيا محبا لبلاده بشكل استثنائي عفيف اليد واللسان متماسك اخلاقيا… افكاره السياسية بسيطة وعامة فهو وطني شديد التمسك بعراقيته معتز بعروبته برغم الاتهامات الباطلة بالشعوبية لكن أولويته كانت دائما العراق وفي مجال العدالة الاجتماعية فانه يرى أنه يجب دعم الفقراء دون الاضرار بالآخرين.. بعيد عن أي شكل من أشكال التعصب القومي أو الديني … في لقطة تؤكد ذلك قال لوفد من الطائفة الموسوية (اليهود) انكم مواطنون عراقيون ولافضل في ذاك لأحد فالمواطنه ليست حذاءا يمكن خلعه بل هي تكتسب بالولادة ولاتنتزع الا بالموت… وفي لقطة ذات دلالة يقول مرافقه قاسم أمين الجنابي انه وفي ذروة الحملات الإعلامية ضد الزعيم قاسم باتهامه بالشيوعية اقترحت عليه ان نطبع له صور تظهره وهو يصلي، رد قاسم بعصبية وكيف سأظهر في الصورة مسبلا يدي أو كاتفا اياها!! ثم هل نسيت ان العراق لايتكون فقط من المسلمين.. كان قاسم يصلي خلف أبواب مغلقة لئلا يشاهد أحد طريقته في الصلاة.

في السياسة ينسب له القول ان قيادة البلد تشبه قيادة لواء بالجيش!! كان محافظا في تفكيره لايحب التغيير وحسب عبد اللطيف الشواف وزير تجارته فانه لم يغير الكادر الملحق بمجلس الوزراء.. ولم يكن يملك أي منهج ولا يخطط لاعماله.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة