ميزان العقل والحكمة

التقاطعات الواسعة والمناكفات والتجاذبات التي تشهدها الساحة العراقية بشان مستقبل العلاقات العراقية الأمريكية ينبغي اخضاعها لمقاييس الموضوعية والتوازن والحيلولة دون إطلاق الاحكام والتصريحات بدوافع حزبية او مذهبية والانسياق مع موجات العواطف الجياشة المرتبطة بوقائع أنية أو السماح لصوت الهوى بأن يطغى في فوضى الأصوات والآراء وتحريك مشاعر الملايين من دون وعي ومن دون تخطيط أو دراية ولطالما دفع العراق الثمن باهضا في ازمات عاصفة واحداث سريعة تحرك فيها الشعور الجمعي تحت مؤثرات وأدوات لم تستوعب كل مايحيط صور الأحداث تعاملت فيها عقليات ساذجة مع مايظهر في السطح دون الغوص في الاعماق ..ولابد هنا أن نقول ان مثل هذه الظروف الطارئة ومثل هذه الأجواء تشكل فرصا ثمينة لمن يحملون تحت ردائهم اجندات خاصة ترتبط باهداف ومصالح بعيدة لاتدركها عقول الملايين التي تحركت وتمايلت مع فوضى العواطف وفي نظام سياسي يتخذ من التعددية منهجا دستوريا وتتوزع فيه المهام بشكل منفصل ومستقل على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية كان يفترض ان يمر أي قانون أو قرار جدلي ضمن مسارات التشريع وان تخضع معطيات القضايا والازمات والملفات المتشابكة للتدقيق بهدوء وتروي وان لاتتماهى قبة البرلمان مع ارتجاجات الشارع وان يرتقي تفكير أعضاء مجلس النواب إلى مستوى التحديات بما يحيط بإبعاد الأزمة الكبيرة التي اعقبت أحداث جسام تمثلت بافعال وردود أفعال امتدت من الشأن الداخلي إلى الشأن الاقليمي ثم إلى الشأن الدولي وبات مستقبل العراق وامنة وسيادته مرهون بقرارات حكيمة توزن بميزان العقل والحكمة لا بالصراخ والشتائم والتخوين والتهديد واذا كنا نعيب على النظام السابق سوقه البلاد والعباد إلى محارق الحروب فان التضحية بارواح العراقيين وتهديد امنهم واستقرارهم من قبل أصوات منفردة لاتمثل كل الطيف العراقي يمثل رايا منقوص ووعيا غير ناضج لايحمل في النهاية الشرعية الكاملة ومن المهم جدا اتاحة الفرصة الكافية للراي السديد والراي الرشيد كي يأخذ مكانه ومداه من دون ضغوط ومن دون تهديدات بما يحفظ كرامة العراقيين ويبعدهم عن دائرة الهوى والضياع ..ان ملف حساس ومهم مثل علاقات العراق والولايات المتحدة الأمريكية لايمكن حسم القرار فيه بمثل هذه الظروف المتازمةوبمثل هذه الاوضاع الاستثنائية ولابد من العمل على تهيئة الأرضية المناسبة التي تسمح بانعقاد مائدة حوار واسعة وشاملة تشيع فيها أجواء الثقة والتأمل للوصول الى قرارات ثابتة تأخذ بنظر الاعتبار حاضر العراق ومستقبل اجياله وعدم الخوض في مشاريع سياسية تتطابق مع فئات محدودة ولاترتبط بمسارات ستراتيجية طويلة الأمد وسيدرك اتباع الهوى والمرتبطين باجندت حزبية او اقليمية أو مذهبية فداحة الخسائر التي ستلحق بالعراق وشعبه أن هم اصروا على عنادهم في فرض ارائهم وتمرير قراراتهم الفردية والفئوية

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة