مهنة حقيرة تدعى تحرير العصافير فأل خير

وداد إبراهيم
ان تشتري شيئا يعني أنك تسعى للحصول عليه، لكن ان تشتري شيئا ويشترط عليك البائع عدم الاحتفاظ به فهذا شيء غريب! هذا ما يحدث بالفعل في مهنة بيع الطيور، التي استحدثت هذا النوع من التجارة.
هناك من يجد ان البائع في تلك الحالات يفتقر الى الإنسانية اذ انه يعامل الطيور بطريقة قاسية ليجبر الأشخاص أصحاب الحس المرهف على شرائها، وهناك من يجد انها مجرد وسيلة للربح والغاية تبرر الوسيلة.
يقول عبد الله سعدي الذي توقف للشراء: تحرير العصافير من اقفاصها، مهنة غريبة دخلت الى بغداد قبل سنتين، وتبدأ مع بداية موسمي الخريف والربيع، موعد تكاثر (العصفور البري)، وهذا الطير لا يقوى على العيش في قفص، ما يجعله لا يهدأ داخله، ويقوم بعض الباعة بوضع المئات منها داخل أقفاص كبيرة فتصطدم مع بعضها بحثًا عن منفذ للخروج الى الفضاء الخارجي.
وتابع: هذا النوع من البيع موسمي، وقد اعتدت شراء العصافير لتحريرها، فاشتري عشرة، او أكثر، لتحقيق غاية في نفسي، او امنية فغالبا ما نشعر بالفأل الحسن بعد تحريرها، قد يكون السبب الإحساس بإنسانيتنا أكثر واحترامنا لذواتنا بهذا الفعل اكبر فيعزز الشعور بقدوم الخير.
أحد الباعة قال: بدأت بهذا العمل قبل يومين، يجلب لنا التاجر (العصفور البري) من مناطق حدودية مثل الشلامجة، او مناطق إقليم كردستان، في أكياس كبيرة من النايلون، مزودة بفتحات تسمح بدخول الهواء. يتقدم المشتري ويطلب تحرير عدد معين منها، فأقوم بفتح القفص، وتحرير سعيد الحظ الذي سيكون اول من ينطلق الى الفضاء، فهذا النوع من العصافير لا يقاوم البقاء في القفص لساعات فقد يمرض، او يموت.
البائع حيدر محمد قال: اشعر بأن هذه المهنة غريبة، وقد تكون غير ملائمة، عرفتها وعملت بها قبل أكثر من عام بسبب العوز، فأشتري ما بين (400 -700) عصفور مرة واحدة، وابيع العصفور بـ 250 دينارا. ومع تصاعد التظاهرات في بغداد يقف الكثير من الناس امامي لتحرير عشرة او أكثر لمرة واحدة، وكأن سعيهم الى الحرية أسقط على العصافير فصار تحريرهم يحمل رمزية معينة بالنسبة إليهم. ومع انتصاف النهار يبدأ يسقط بعضها مريضا او ميتا.
احد الباعة في سوق الغزل قال: يعمل في هذه المهنة من يعاني حالة الفقر والعوز، ينتظر موسم العصافير بالرغم من ان المردود قليل، لكنه افضل من لا شيء، وهناك ثلاثة أنواع من الطيور تباع بهذه الطريقة المؤلمة والبشعة، وهي (الطبان البري) و(الزرازير) و(العصفور البري) الذي يسمى الوحشي، هذه الأنواع يأتي بها تجار الى الأسواق بعيدا عن سوق الغزل لتباع على شكل مجاميع كبيرة، الباعة في سوق الغزل ومربي الطيور لا يمتهنون هذه المهنة، ويرفضونها بنحو قاطع، وحين يكون هناك زحم في سوق الغزل يوم الجمعة يدخل بعضهم السوق ليبيع بضاعته على الناس، اذ يتجمع الناس حوله ويحرروا الكثير من العصافير، ليكون فأل خير لتحقيق احلامهم او اغراضهم، انا شخصيا كل يوم اعمد الى تحرير ثلاثة او أربعة عصافير لتحقيق رغبة اسعى لها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة