تجاوز الدولة !

لاتكفي منظومة القوانين التي تم تضمينها في الدستور العراقي لارساء العدالة فالسطور الوردية التي جرى تدبيجها في بنود الدستور لم تشفع في نيل العراقيين الحرية والعدالة وجرى على نحو منظم سلب روح هذه القوانين عن طريق الالتفاف عليها وافراغها من محتواها وعلى الرغم من الاصوات العالية التي ارتفعت منذ الشهور الاولى التي اعقبت التصويت على الدستور والتي نادت بضرورة ان تكون هناك ارادة حقيقية لتفعيل منظومة القوانين وضرورة ان تكون هناك رقابة صارمة على تطبيق المفردات بشكل دقيق الا ان ماحصل فعلا هو التغاضي والاهمال وعدم الالتفات لهذه الاصوات ويمكن القول ان مجلس الوزراء ومجلس القضاء الاعلى ومجلس النواب هم شركاء حقيقيون في مظاهر التراخي والتهاون في تطبيق مباديء الدستور بسكوت اللجان الحكومية والبرلمانية و القانونية التي تم تشكيلها خلال الازمات والمشاكل الكثيرة التي كانت محط خلاف او اختلاف بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية وعدم تاصيل عملها باعلان نتائج عمل هذه اللجان حتى باتت هذه اللجان عند العراقيين محل تندر وسخرية والاسوء من ذلك هو التدخلات الحزبية والاقليمية في كثير من مفاصل القرارات السياسية والاقتصادية والامنية التي تمس السيادة العراقية حيث باتت مثل هذه التدخلات حالة مستساغة للكثير من المؤسسات التابعة للدولة ويهذا يكون العراقيون هم انفسهم من فرط بالعناوين المهمة في التاسيس للدولة وان محاولات استعادة زمام الامور ووقف التجاوزات على الدستور يعني انطلاقة جديدة نحو تثبيت دعائم القانون والسيادة وهذا يتطلب مراجعات حقيقية لمفاصل العمل المؤسساتي والتفتيش بشكل دقيق عن كل المسارات التي جرى حرفها بشكل اساء لاستقلالية السلطات الثلاث ولربما حصلت مثل هذه التجاوزات من قبل مسؤولين كبار على راس الهرم او موظفين صغار وقعوا تحت دوافع التهديد او الاغواء او خانوا الامانة التي بين ايديهم وستكون معالجة هذا الاخفاق وهذا الخلل الخطوة الاهم في اعادة السكة على الطريق الصحيح ومن دون ان تكون هناك عقوبات صارمة بحق من لايخشون قوانين الدولة ويضعون عناوينهم فوق هذه السلطة فان دولتنا سيستمر وصفها بانها دولة متهالكة تضيع فيها حقوق الضعفاء وتقوى فيها شوكة الفساد ويتربص فيها السراق لكل فرصة من اجل الحصول على المزيد من المال الحرام ومن المحزن ان من تولوا العناوين العليا في السلطات الثلاث اضاعوا الفرص الكثيرة التي توفرت لهم كي يضربوا اخطبوط المارقين والفاسدين ولم يستثمروا مواقف التاييد والنصرة التي اعلنتها المرجعية الدينية والقوى الوطنية الرافضة لنظم الفساد المستشري والمحاصصة في تقاسم الغنائم والمصالح الحزبية .

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة