من هو سيّد القوم ؟

-1-
روي عن الرسول الاعظم (ص) انه قال :
” سيد القوم خادمهم
كنز العمال /ج6/710
باختصار شديد نقول :
لا النسب العريق ولا الشرف الباذخ ولا الثروة الضخمة ،
ولا سعة النفوذ ،
ولا الشهادات الجامعية العليا ،
ولا الاعراض الدنيوية مهما بلغت من الاهمية، هي التي تجعل الرجل كبيرَ قَوْمِهِ وزعيمَهُم مالم يكن مُجِدّاً دؤوبا مخلصا في اهتماماته الكبيرة بشؤونهم، والنهوض بمسؤولية العمل لصالحهم وتوفير المناخ الملائم لإسعادهم، واغاثة المكروب منهم، وإعانة المحرومين والمستضعفين، وتبني قضاياهم العادلة والحرص على انجازها بالوجه الأكمل ..
وحينئذ لن يستطيع احدٌ ان ينافسه في احتلال الموقع الأول في قلوبهم ووجدانهم .
-2-
انها مقايضة فريدة بين الزعامة وبين الجهود المكثفة المبذولة بكل جِدٍ وصِدْقٍ واخلاص مِنْ قِبلِ الرائد الناهض بخدمتهم .
لا تُمنح الزعامة بالمجان ، ولا تُعطى لغير المتمرسين الأشداء في مضمار النفع العام، والخدمة التي تتجاوز العلاقات الشخصية الخاصة الى الفضاء الاجتماعي الواسع، الذي يشمل أوسع الشرائح ويمتد الى مسافاتٍبعيدةِ المدى اجتماعيا وانسانيا .
-3-
ان الالتزام بتقديم الخدمة الاجتماعية يكشف عن نفسٍ صافيه وضميرٍ نقيّ ، وعزم قويّ واخلاقية رائعة ..
وكل هذا يقفز بصاحب هذه المواصفات الى الروابي العالية والمقامات السامية …
-4-
والسؤال الآن :
كم هم اولئك الذين يؤثرون الخدمة العامة على مصالحهم الشخصية ومنافعهم الفئوية ومكاسبهم وامتيازاتهم الخاصة ؟
انهم للاسف قليلون ..
-5-
وفي العراق الجديد نماذج كثيرة لاتعد ولاتحصى لمن أُتيحتْ لهم الفرص للفوز بكأس السيادة الحقيقية،ولكنّها ضيّعت الفرص وأهملتها وانصرفت الى تحقيق مآربها، وتنفيذ رغباتها، بعيداً عن الآخرين ، فكانت النتيجة مُرّةَ المذاق، تمثّلت بالعزلة عن الناس واثارة سخطهم
ونقْمَتِهم وازدرائهم لتلك المسالك المحمومة، وهذا هو الافلاس الاجتماعي بِعَيْنِهِ .
والافلاس الاجتماعي مِنْ أبشع ما ينتهي اليه الانسان في حياته الدنيا.
ويقود الافلاس الاجتماعي الى افلاس خطير أكبر وهو الافلاس من الحسنات وخلو صفحاتِ كتابِه من النقاط المضيئة التي تثقل الميزان .
وهذا هو الخسران المبين .
-6-
انّ الاحتجاجات السلمية الشعبية الصاخبة وضعت السلطويين أمام الحقيقة المرة التي تناسوها وهي :
انّ الاموال العراقية المنهوبة لابد ان ترجع الى خزينة الدولة ، وان المواطنين لن يصبروا على الاستمرار في سوء الخدمات ،
وانّ العاطلين عن العمل لن يهدأوا مالم توفر لهم فرص العمل
وما الاجراءات الخجولة التي اتخذت مؤخراً الاّ محاولة لامتصاص غضب الجماهير .
والسؤال الآن :
هل ستقتنع الجماهير بالحلول الترقيعية المطروحة ؟
والجواب :
من الصعب جداً الاقتناع بكل ما يطرح من حلول قشرية لاتصل الى تخوم الحلول الجذرية .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة