حياة قادمة

سأختار وظيفة أخرى، أفكر أن أكون حارسة على أحلام من خاب أملهم في الحب، أسهر طوال الليل بجوار رؤوسهم لأمنع المحبوبين السابقين من التسلل لتكدير أحلامهم، ومن يصر منهم على الدخول سأضلله، سأرسله لحلم آخر يتأخر فيه عن الامتحان الذي ذاكر مادة أخرى غير مادته، وإذا ما غافلني أحدهم وضبطته متسللًا، سأرسله إلى حلم يكون عاريًا فيه، ليظل طوال نومه يبحث عن شيء يرتديه. لن أقبل أبدًا أي رشوة منهم، حتى لو طلب مني أحدهم أن يدخل للحلم مقابل أن يمنحني عطلة في اليوم التالي، بعد أن يسبب أرقًا لمن أحرس نومه، أبدًا لن أتخلى عن المخذولين، فمن لم ينج من الحب، ينجو على الأقل في أحلامه. في حياة قادمة، سيكون نهاري طويلًا جدًا، أطول من أن أقضيه في انتظار موعد عملي الليلي، إذا ما تمكن من أحرس نومهم من التغلب على أرقهم في المرحلة الأولى من الانفصال، لذلك أفكر جديًا في وظيفة صباحية، إذا ما احتفظت بلياقتي البدنية من حياتي الحالية، سأتقدم لوظيفة مساعدة “كيوبيد”، أنا واثقة أنه في حاجة منذ فترة إلى مساعد يحمل عنه قوسه وسهامه، لكنه يشعر بالخجل من ذلك ولا يطلب. سأخبر من حوله أنني سأساعده في تنظيف أجنحته حين يكون منشغلًا بإلقاء السهام، لكن حين نكون وحدنا سأخبره بصراحة: “أنا هنا لإصلاح ما أفسدت”، سيعترف لي أن نظره صار ضعيفًا، ولم يعد يميز الأشخاص الذين يرشقهم بسهامه، كما أن يديه اللتين ضعفتا بسبب عدم ممارسة الرياضة لم تعودا تحتملان إرسال السهام لمسافات بعيدة، سأتولى المهمة بدلًا منه، سأحمل السحاب مئة مرة في اليوم لتقوية عضلاتي قبل أن أذهب إلى العمل، حتى يذهب كل سهم إلى صاحبه، فيتوزع الحب بعدل بين الجميع، سأغير أيضًا الموردين الذين كان يتعامل معهم “كيوبيد”، سأبحث عن مورد لا يغش في صناعة السهام، لا مزيد من السهام التي تنتهي صلاحيتها سريعًا، فينتهي مفعولها بمجرد أن ألتفت إلى الجهة الأخرى، “العمل بذكاء وليس بجهد”، هذا ما ينقص العمل في الحب. في حياة قادمة، ربما أفتح أيضًا متجرًا لتصنيع القلوب، سأكون صريحة جدًا مع عملائي، سأخبرهم بكل شفافية: “هذا قلب من زجاج، يرى أي شيء وكل شيء، من داخل الداخل، لكنه ينكسر بسهولة أيضًا لأنه يرى كل شيء”.. “هذا قلب من حديد، مضاد للانكسار، لكنه لا يستقبل أي شيء، سيعيش حياة طويلة، لكن من دون حركة بداخله”، “هذا قلب من مطاط، يقفز طوال الوقت، يستمتع للحظات، لكنه لا يعرف متعة اللحظات العادية والسكون”. ذات يوم سيختار جميع زبائني القلوب الزجاجية، لن يفكر عاشق في كسر قلب معشوق، حتى لا ينتقم منه فيقذف قلبه بما يكسره، سيخاف كل شخص على قلب الآخر كما لو كان قلبه، ذات يوم سينتهي كل هذا العمل الشاق ليلًا ونهارًا، سيصبح عملي كله صباحيًا، ولن تكون هناك أحلام سيئة تضطرني للوقوف على رؤوس أصحابها ليلًا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة